ما فعله تنظيم «داعش» الإرهابي بحرق الشهيد الأردني معاذ الكساسبة حياً، يثبت بأن هذا التنظيم أبعد ما يكون عن اسم «الإسلام»، فرسولنا الكريم صلوات الله عليه قال في معنى الحديث بأنه «لا يحرق بالنار إلا رب النار»، وما مضت فيه داعش منذ تأسست كفرع لتنظيم «القاعدة» الإرهابي ثم استقلالها عنه، بات يستوجب تحالفاً مبرراً لقوى العرب وحتى العالم للقضاء على ظاهرة خطيرة لـ»تشوه» سقيم يربط نفسه بالإسلام.
المسلمون لم يكونوا أهل قتل وتنكيل، لم يصوروا القتل على أنه هواية وتسلية، ولم يكونوا يكفرون الآخرين هكذا ببساطة، فما بالكم بتنظيم يعتبر نفسه صاحب الحق في تكفير البشر وسلخ المسلمين من دينهم حتى؟!
التعازي لا توجه للأردن الشقيق فقط، بل لكل العرب والمسلمين باستشهاد البطل معاذ، هذا الشاب الذي لم يدرك إرهابيو «داعش» بأن تصويرهم الفيديو بهذه الطريقة السينمائية ما هو إلا تقزيم لهم بالفعل، فمشية البطل نحو القفص، وتطلعه للسماء وهو يتشهد بل وثباته ووقوفه والنيران تصل لجسمه، بينت كيف أن شاباً يافعاً عرف «داعش» بحجمها، وكيف أن مجموعة من المدججين بالأسلحة وملثمي الوجه وقفوا بعدهم وعتادهم لقتل رجل واحد، كان والله أكبر منهم قامة، ونحتسبه شهيداً عند الله.
مشهد مقزز تقوم به فئة تسيء للمسلمين بأفعالها وتصرفاتها، تسبب باستياء عالمي واسع، أدان فيه الفعل حتى مجرمو حرب مثل الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ودفع حتى النظام الدموي القاتل لبشار الأسد بأن يتحدث في إعلامه بكل صفاقة عن ضرورة التصدي للإرهاب، في حين أن الأردن نفسه يؤوي آلافاً من اللاجئين السوريين، في وقت مازلنا لا ننسى فيه صور الشهداء الأطفال والرضع الذين قتلتهم قوات الأسد، والأخير لا فرق بينه وبين «داعش» ومن يقف وراءهم.
ضياع العراق وتسليمه لإيران، ودعم الأخيرة للمجرم بشار، كانت من عوامل ظهور هذا الكيان المسخ المسمى داعش والذي يتدثر باسم الإسلام، واليوم الجميع يكتوي من ناره، ويقف الجميع منه موقف المحارب الساعي لاستئصال هذا الورم.
الإسلام لم يكن دين إرهاب، ولكن من يستخدم الدين اليوم ليبرر أفعاله الإجرامية، هم من شوهوا صورة الإسلام، هم من حولوا المسلم لمحارب ضد أخيه المسلم، والغرب في حاله يتفرج، وبات يصنف الجميع في خانة واحدة للأسف، أنت مسلم إذن أنت إرهابي.
رحم الله الشهيد معاذ وأسكنه فسيج جناته، وأنزل بحق «داعش» وكل إرهابي يستغل اسم الإسلام أشد عذابه.
وبالحديث هنا عن الإجراءات الأردنية، نقول بأن استشهاد معاذ كان سبباً لإحقاق الحق بحق شهيد البحرين الشاب حمد جناحي، والذي استشهد في انفجار إرهابي في عمان عام 2005 وكانت الإرهابية التي أعدمت صباح أمس ساجدة الريشاوي ضليعة في هذه الانفجارات.
البطل معاذ كان سبباً في أن تتحقق العدالة لأجل شهيد البحرين حمد جناحي، رحم الله الاثنين وأسكنهما الجنان، وانتقم من قاتليهما وحفظ أمة الإسلام من كل الإرهابيين الذين يتاجرون باسم الدين.