كانت جلســة مجلـس النــواب تاريخيــة بكــل المقاييس حين أقر أعضاء المجلس وبالأغلبية برنامج عمل الحكومة للسنوات الأربع المقبلة، وبمثابة خارطة طريق تسير عليها الدولة في سبيل تحقيق تطلعات الشعب في مختلف النواحي، لا سيما منها المعيشية، وكان التوافق الحكومة النيابي إنجازاً للبحرين لتسير دفة الوطن للأمام بكل ثقة وعزم لا يلين، ولتثبت المملكة بأنها رقم صعب في وجه من يريد بها الشر ويسعى لهدم المنجزات التي تحققت في ظل المشروع الإصلاحي الذي أرسى دعائمه جلالة الملك.
إن برنامج العمل الحكومي، وإن كان قد شمل أهم ما يمس الخدمات التي يشهدها المواطنون، إلا أننا كنا نتطلع أن يتضمن زيادة عامة في الرواتب لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين، ولكن يبدو أن الظروف الاقتصادية وكذلك انخفاض سعر النفط وغيرها من الأسباب حالت دون هذه الزيادة، والتي يتوق لها كل شعب البحرين، وثقتنا كبيرة بجلالة الملك المفدى أن يصدر أمره السامي بهذه الزيادة متى ما تهيأت الظروف المناسبة.
لقد مارس مجلس النواب حقه في مناقشة الحكومة في برنامجها الذي قدمته بعد التعديلات الدستورية التي مكنت النواب من وضع برنامج بالتوافق مع الحكومة، وهو ما جسد الديمقراطية الحقة في إثراء البرنامج بما يعود بالنفع على البحرين وأهلها في مختلف مناحي الحياة، وهو برنامج حتماً إذا ما طبق فإن ذلك سيعود بالخير على المواطنين ويترجم تطلعاتهم إلي مستقبل مشرق ليكون واقعاً يلمسه الشعب.
برنامج عمل الحكومة الذي كان محطة هامة ونقطة مضيئة في طريق التعاون والتنسيق بين مجلس النواب والحكومة، وهي الخطوة الأولى التي ستكون بادرة وفاتحة خير للتواصل والتعاون طوال السنوات الأربع القادمة من عمر المجلس، هذا التعاون في الحقيقة قد لمسه الجميع خصوصاً في هذه المرحلة المهمة التي تحتاج للتكاتف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ولجم من كان ومازال يشكك في التجربة البرلمانية.
المرحلة المقبلة، وبعد إقرار برنامج عمل الحكومة، توجب على مجلس النواب تشكيل لجنة نيابية خاصة تتابع وتراقب بل وتحاسب تفعيلاً لأدواته الرقابية ويتأكد من تنفيذ الحكومة للبرنامج الذي وضعته ليكون طريق العمل الذي ستسير فيه للأربع السنوات القادمة وفق جدول زمني تلتزم فيه، وهذا ما سيتابعه المواطن ليكون الشارع البحريني مراقباً لأداء الحكومة وفق المحاور التي تضمنها البرنامج.
الآن وبعد إقرار برنامج عمل الحكومة من قبل مجلس النواب، وكما أكد رئيس الوزراء، ستبدأ مرحلة جديدة من البناء والتنمية وتحقيق المنجزات للوطن في كافة المجالات انطلاقاً من هذا البرنامج الذي جاء بموافقة نيابية أصبحت كما سموه الحكومة هي حكومة الشعب بعد إقرار النواب للبرنامج مارس دوره في التدقيق والمناقشة في تجربة فريدة من نوعها في المنطقة عززت من الديمقراطية الحقيقة في الحرية للنواب وممارسة أسس ديمقراطية متطورة عبرت عن إرادة الشعب تجلت في أروع صورة حين كانت الاجتماعات المتتالية بشأن برنامج عمل الحكومة.