ألا تدخل المخالفات المرورية وقطع الإشارة الضوئية من باب الأذى الذي يؤدي إلى هلاك الأرواح وتضرر الممتلكات؟ أم يجب ترك الشوارع سائبة دون قوانين رادعة؟ ثم ألم نسمع دائماً «من أمن العقوبة أساء الأدب»؟ ألم نطالب الدولة بسن القوانين التي تحمي أرواح الناس في الشارع والأسواق والأحياء؟ فكم استنكرنا ووجهنا اللوم للدولة على ضعف قوانينها المرورية، وضربنا الأمثلة بالدول الأوروبية، كما كنا نتباكى على الزمن الجميل حيث كان النظام المروري في البحرين من أفضل الأنظمة المرورية في الخليج، أما اليوم فسبقتنا هذه الدول في سن قوانين مرورية أكثر صرامة، وذلك لحرصها على الحد من نسبة الوفيات التي فاقت ضحاياها بعض الحروب.
وها هي اليوم تسن القوانين المرورية في البحرين والتي كنا ننتظرها منذ سنوات، حتى تكون رادعاً لكل من انعدمت فيه روح المسؤولية ليس تجاه نفسه بل تجاه الآخرين، وها هي الأرقام تكشف فداحة ضحايا السير في شوارع البحرين، حيث وصل معدل الوفيات إلى 5 ضحايا شهرياً، أليس هذا الرقم يكفي لإعادة النظر؟ أم تنتظر إدارة المرور حتى يكون عدد الوفيات بعدد أيام السنة، ناهيك عن الإصابات البليغة التي ينتج عن بعضها عجز كامل، عدا الخسائر المادية، ونضيف إلى ذلك المخالفات التي تسيء إلى حضارة البحرين من مخالفة الوقوف الخاطئ وغيرها من تجاوزات قانونية ينتج عنها إرباك السير وتعطيل المصالح.
وها هي الأيام الأولى من تطبيق قانون المرور الجديد، حيث سررنا بمشاهدة الالتزام من سائقي السيارات بمختلف جنسياتهم وثقافتهم، ولكن تبقى هنا بعض الملاحظات في تطبيق القانون، حيث وجدنا استمرار بعض المخالفات مثل؛ السير عكس الاتجاه والوقوف الخاطئ، وهي مخالفات واضحة متعمدة، وذلك لارتباط ثقافة السائق بعدم وجود كاميرات أو دوريات مرورية في بعض الأماكن، وهنا يأتي دور المواطن الذي يجب عليه الالتزام بالقوانين، والدور الأكبر يقع على إدارة المرور التي يجب أن تكثف الدوريات، حتى يتغير المفهوم عند الجميع بأن ذلك ليس مجرد حملة مرورية تنتهي في أسبوع المرور.
وكان من المهم أيضاً أن تسن قوانين لسيارات النقل والشاحنات بعدم تجاوز المسار والالتزام بسرعة محددة، كما يجب إلزام هذه المركبات بتركيب مصابيح ملفتة للنظر حتى تكون كاشفة لحجمها، خاصة أنها قد تتعرض للوقوف المفاجئ، وكذلك بالنسبة للشاحنات غير البحرينية التي تدخل عن طريق جسر الملك فهد والتي تضطر للوقوف حسب نظام المرور المتبع لهذه المؤسسة، والتي تتسبب بحوادث ينتج عنها وفيات، وذلك عندما تكون الإضاءة خافتة أو شبه معدومة جراء الغبار المتراكم عليها.
أما بالنسبة لربط حزام الأمان، فإن المفهوم لدى الأغلب بأن الإلزام للسائق فقط، مع أن القانون يشمل السائق والراكب الأمامي، لذا نتمنى من إدارة المرور الاستمرار في برامجها الإرشادية لشرح المخالفة بصورة كافية، وكذلك بالنسبة لحزام الأمان للأطفال في المقاعد الخلفية.
ولوحظ أيضاً أن عدداً من سيارات توصيل تلاميذ المدارس تستخدم عربة متصلة لتحميل الحقائب، وهذه مخالفة مرورية خطيرة، كما نرجو أيضاً أن يطال تطبيق القوانين حمولات سيارات النقل المخالفة التي لا تلتزم بحجم الحمولة، وعدم تقيدها بقوانين نقل البضائع، والتي هي الأخرى تستدعي شرحاً وافياً وبمختلف اللغات، إذ إن نسبة السواق الأجانب قد تعادل نسبة البحرينيين.
ولابد هنا أن نقدم التحية والتقدير لإدارة المرور العامة التي أعادت للبحرين ذلك الزمن الجميل، وشكراً لكل رجل مرور وقف في برودة الشتاء وحرارة الصيف ينظم ويراقب سلامة المرور، كما ندعو للجميع بالسلامة، وقبل كل هذا نذكر بدعاء الركوب الذي هو سنة نبوية وآية قرآنية ذكرها الله في كتابه، وهكذا يغدو العبد ويعود في حفظ الله وأمانه.