أكد صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء أن القمة الرابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي تستضيفها دولة الكويت غدا، تشكل علامة هامة في مسيرة مجلس التعاون، يجب أن تؤسس لمرحلة جديدة من مراحل العمل الخليجي المشترك، لتحقيق المزيد من المكتسبات للمواطن الخليجي في مختلف المجالات، ولمواجهة التحديات العديدة التي تشهدها المنطقة والعالم.
وقال سموه في حديث لوكالة الأنباء الكويتية "كونا"، أن انعقاد هذه القمة برئاسة صاحب السمو الأخ الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت ، وبمشاركة اخوانه أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، يأتي في ظل متغيرات تحتم التعامل بطرق غير تقليدية مع الواقع الجديد الذي تتشكل ملامحه في المنطقة والعديد من أقاليم العالم.
وردا على سؤال حول توقعات سموه من قمة الكويت وابرز الملفات التي يطمح سموه الى تحقيقها في القمة أعرب صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، عن ثقته في أن أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، سيخرجون من قمتهم القادمة بقرارات ونتائج مثمرة، تعزز وتدعم ما تحقق في المسيرة الخيرة والمباركة لدول المجلس، منوها سموه بجهود أمير دولة الكويت صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح في احتضان العمل الخليجي المشترك ودعمه وتوجيهه نحو ما يعزز من روابط الوحدة والتكامل.
وقال سموه إن شعوب دول المجلس تتطلع الى قرارات يتخذها قادة دول المجلس يتلمسون من خلالها تطلعاتهم في غد أكثر اشراقاً، ومستقبل يحمل الخير لكل الدول الأعضاء في مجلس التعاون.
وأشار سموه إلى أن المتغيرات في العالم، تجعل من دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة، بانتقال دول المجلس من مرحلة التعاون إلى مرحلة "الاتحاد الخليجي"، مطلبا ملحاً في الوقت الحاضر أكثر من أي وقت مضي، وأنه ينبغي أن تتصدر تلك الدعوة وآليات تحقيقها، أولويات البحث في القمة التي ستنطلق اعمالها غدًا الثلاثاء، وأن تكون هناك قرارات تدفع بهذه المبادرة إلى حيز التنفيذ في أسرع وقت ممكن.
وأكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء ، أن شعوب دول المجلس تتطلع إلى تحقيق ذلك الحلم، وترنو إلي اليوم الذي تصبح فيه الوحدة الخليجية واقعاً معاشاً، لاسيما وأنها تعد أحد المطالب المعلنة منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 1981 وحتى اليوم، مشدداً سموه على أن الوقت قد حان لقيام "الاتحاد الخليجي" دون تأخير أو إبطاء.
وأوضح سموه أن التعاون الحالي بين دول المجلس لا يرقى لمستوى الطموح المنشود، من الناحيتن السياسية والاقتصادية، وأن إقرار الاتحاد الخليجي هو من سيؤطر كل هذه المسائل بما يلبي تطلعات شعوب دول المجلس.
ودعا سموه إلى التركيز على الوحدة الخليجية فهي ملاذ آمن له بعده السياسي والاستراتيجي على المدى البعيد، وعلى صناع القرار في المنطقة الدعوة إلى الامتزاج والانصهار بما تعنيه الكلمة من وحده شاملة تصنع مستقبل أجيالنا القادمة.
وأشار سموه إلى أن الكل يتجه الآن إلى الوحدة ولدينا العديد من النماذج الناجحة إقليميا ودوليا، ومن بينها دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة، فضلا عن تجارب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الافريقي وغيرها من النماذج في العديد من أقاليم العالم.
وقال سموه " إن قمة الكويت فرصة لتفعيل دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود للانتقال من التعاون الى مرحلة " الاتحاد" بتعمق وان يتم اتخاذ الاليات التي تكفل تحقيق هذا الاتحاد، استجابة لتطلعات شعوب دول المنطقة التي تتوسم من قادتها الاعلان عن قيام الاتحاد.
وشدد سموه على ان التوقيت الآن هو المناسب لقيام الاتحاد الخليجي وهو رهان رابح يجب ان نتحرك نحوه بالمزيد من التلاحم نحو استدامة للأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكد سموه أن ما تتعرض له البحرين هو خطر على دول الخليج أيضا وأن الاتحاد هو القوة في ظل الأوضاع والتطورات الاقليمية والعالمية.
وأكد سموه أن الأمن والاستقرار في المنطقة ركيزة أساسية في ظل زمن التحولات الرامية إلى إعادة رسم وصياغة الدول والأنظمة وإحداث خلل فيها، مما يوجب علينا أن تكون سياستنا أكثر وضوحا في إحداث التغيير الذي نريده لا ما يريده الغير، فالمرحلة الحالية وصلت للذروة في التفكك والتشرذم العربي، والملفات مازالت عالقة، ونحن نسيج واحد متداخل ومترابط، وعلينا أن نتبع السياسة التي نريد، فالمسألة والهوية العربية مسألة تاريخية محضة.
ودعا سموه إلى أن يعيد المجلس رؤيته تجاه العديد من القضايا والملفات، وبما يتواكب مع التطورات الحاصلة إقليميا ودوليا من خلال تجديد الرؤى ومواجهة التغيرات السريعة في العالم.
وحول مدى رضا سموه على مسيرة مجلس التعاون منذ تاسيسه قبل اكثر من ?? عاما وحتى الآن قال صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء، "إن المفاهيم قد تغيرت في ظل التحولات في المواقف، وعلينا أن نواجهها بالتجديد في الفكر وفي المفهوم حتى نجتاز هذه المرحلة، كما أن علينا الابتعاد عن أي تحفظات، فالمرحلة لها متطلباتها ومقتضياتها العاجلة التي تحتاج إلى إنجاز يمنع أي تردد في المواقف".
ودعا سموه إلى التوجه بخطاب إعلامي حديث يحض على الاتحاد ويشرح أهميته، ويتجاوز كل ما هو قديم في الطرح والأسلوب، وذلك يتطلب كسر أي جمود في هذا الخطاب ليتواءم مع متطلبات المرحلة الحالية.
وأكد سموه أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عليها في هذه المرحلة أن ترتب فيما بينها ومن منظور جماعي تنفذ به إلى جوهر المستقبل وتأمين الحياة للأجيال القادمة، ليس على الصعيد الاقتصادي فحسب، بل على كل الأصعدة.
وقال سموه "إن علينا أن نجدد في خطوات التعاون فيما بيننا وندفع بإتجاه توسيع علاقتنا مع دول العالم، فنحن أمام مرحلة عصرية جديدة، نرى بدايتها ولا نعرف نهايتها".
وردا على سؤال حول تطلعات سموه إلى تطوير التعاون الاقتصادي بين دول المجلس، وأبرز العراقيل التي تعترض عملية تسريع التكامل الاقتصادي والسياسي الخليجي، قال صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر، أن التكامل الاقتصادي وصولا إلى الوحدة الاقتصادية، أمر لا ينبغي التعامل معه ببطء، وأن الواقع من حولنا وما يشهده العالم من تكتلات وكيانات اقتصادية عملاقة، يتطلب منا الاسراع في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من خطوات لتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء.
وأشار سموه على هذا الصعيد، إلى أن شعوب دول المجلس تتطلع إلى المضي قدما في التطبيق الفعلي للاتحاد الخليجي، والعملة الخليجية الموحدة، والمصرف المركزي الخليجي، مقللاً سموه من تأثير بعض الاختلافات في الرؤي حول تلك الآليات الاقتصادية التي تسهم في تحقيق انطلاقة اقتصادية حقيقية لدول مجلس التعاون، ومؤكداً سموه أن جميع دول المجلس بلا استثناء تضع مصلحة دول وشعوب المجلس فوق أي اعتبار آخر.
كما أعرب سموه عن الثقة في أن دول مجلس التعاون، ستتجاوز المعوقات والعراقيل التي قد تحد من تحقيق التكامل الاقتصادي والسوق الخليجية المشتركة، مشيرا سموه إلى أن من يتابع مسيرة مجلس التعاون منذ تأسيسه وحتى اليوم، يدرك مدى قدرة دول المجلس على تجاوز العديد من العقبات، والتغلب على المصاعب، وتقريب الاختلافات في الرؤى من أجل المصلحة العليا لتلك الدول.
وردا على سؤال حول إمكانية أن يخرج مجلس التعاون بقرارات اقتصادية تساهم يتعزيز المكانة الاقتصادية خاصة في ظل الأزمة المالية العالمية، دعا سموه إلى وعي جماعي جاد للوضع الذي نعيشه، يواكبه تطور وتجديد في كل القضايا التي تهم مجتمعاتنا، والنأي بها عن الوهن والتشتت، وأن يكون لنا قوة نوعية اقتصادية وسياسية مؤطرة تؤمن الاستقرار وتقف بوجه أي صدمات يفتعلها عالمنا المعاصر الرامي إلى تفتيت وتجزئه الكيانات القائمة.
ودعا سموه إلى تكثيف الاجتماعات بين قادة دول المجلس وعلى أكثر من مستوى مع التركيز على اتخاذ القرارات وتدارس مجمل الاوضاع الاقليمية والدولية.
وردًا على سؤال حول الأوضاع التي تشهدها المنطقة وأهمية تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، أكد صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر، أن دول المنطقة هى المعنية في المقام الأول بتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، من أجل الانطلاق في تنفيذ الخطط التنموية.
وقال سموه أن التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الدول والتمسك بعدم التدخل في الشئون الداخلية، هي مبادئ ثابتة في العلاقات الدولية بين مختلف دول العالم، وأن الالتزام بها في منطقة الخليج العربي سيساهم في تحقيق الأمن والاستقرار، ويؤدى إلى ازدهار دول المنطقة بعيدا عن الصراعات والحروب التي عانينا منها جميعا، وتسببت في حالات التوتر التي ألقت بظلالها على المناخ العام، وأعاقت دول المنطقة عن المضي في تنفيذ العديد من المشروعات التنموية التي تحقق الصالح العام لشعوبنا.
ودعا سموه دول المنطقة الى ان يكون شعارها "لا للصراعات ونعم للتنمية"، فقد حان الوقت لكي تهدأ تلك المنطقة الحيوية من العالم، وأن يرفع الاخرون أياديهم عنها، وأن تكون "المصلحة المشتركة" هي العنوان الرئيسي للمرحلة المقبلة.
وفيما يخص العلاقات البحرينية ـ الكويتية، أشاد سموه بالعلاقات الأخوية التي تربط بين مملكة البحرين ودولة الكويت، وما تتمتع به هذه العلاقات من خصوصية، مشيدا سموه بالدور الحيوي والهام الذي تقوم به دولة الكويت الشقيقة، منذ انطلاق مسيرة مجلس التعاون وحتى الآن، منوها سموه بمواقف الكويت وإسهاماتها في دعم التنمية الاقتصادية في مملكة البحرين.
وفي ختام حديثه أعرب صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر، عن أمنياته للقمة الخليجية بالتوفيق والنجاح في تحقيق تطلعات وآمال المواطنين، داعيا الله العلي القدير أن يسدد خطوات أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على طريق الحق، وأن يحققوا لشعوبهم المزيد من المكتسبات، وأن تكون هذه القمة علامة جديدة من العلامات التاريخية في مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.