مازال الحديث عن قناة العرب يتداول ويتبادل على المواقع الاجتماعية وفي المجالس الشعبية، هذا الحديث الذي يملؤه الحسرة بأن تغلق قناة كان ينتظر ولادتها الجميع بسبب سياستها الإعلامية التي تضر بالأمن الخليجي، فقد كان شعب البحرين متفائلاً وعاقداً الأمل بأن هذه القناة ستكون مميزة دون القنوات العربية الأخرى، عندما تكون في قلب الحدث الذي هز كيان الدول الخليجية، فما حدث في البحرين أمر خطير ليس على البحرين وحدها بل على دول الخليج العربي دون استثناء، لكن استطاعت البحرين أن تقف في وجه هذا الخطر وبمعاونة أشقائها وتدرأه، حيث دفعت البحرين أمنها واستقرارها واقتصادها ثمن هذا العدوان الصليبي الصفوي والذي جند له كافة المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، عدا عن الحكومة الأمريكية التي سخرت طواقم خارجيتها وسفراءها ومبعوثيها لمساندة هذه المؤامرة، إلى حد أن أوباما نفسه تبنى قضية البحرين وشبه حالها بحال سوريا.
لم يقتصر على ذلك؛ بل بعث ممثلاً له لزيارة قادة الانقلاب للاطمئنان عليهم، كما حدث عندما زار مبعوثه الخاص عيسى قاسم في بيته بعد عملية تفتيش قانونية من قبل أجهزة الدولة، وكذلك بالنسبة للبرلمان الأوروبي ودوله وسفاراته، حتى إن سفارة النرويج في الإمارات بعثت دبلوماسييها لزيارة قاسم وزيارة الوفاق، ناهيك عن قنواتهم الفضائية التي كانت تستضيف قادة الانقلاب لنشر أكاذبيهم لتأليب المجتمع الدولي على البحرين.
نضيف إلى ذلك القنوات المدعومة من إيران وتتخذ بعض الدول الخليجية مقاراً لها، وقناة المنار التابعة لحزب الله وقناة العالم الإيرانية، هذا من الجانب الإعلامي، عدا عن رؤساء دول مثل العراق وإيران الذين تصدوا للبحرين، ومازالوا يتصدون لها من تحشيد إعلامي وعسكري حين وفروا للميليشيات الإرهابية معسكرات التدريب والتهيئة لانقلاب عسكري قادم تخطط له القوى الاستعمارية الأمريكية الإيرانيـــة. نضيــــف إلى ذلك معانــاة شعــب البحرين منذ فبراير 2011 وسقوط الضحايا من رجال الأمن والمواطنين والأجانب نتيجة الإرهاب الذي تبنته الوفاق، ومازالت هذه الأعمال الإرهابية مستمرة تزهق أرواح رجال الأمن وتحرق وتقطع الشوارع بشكل يومي وعلى مدار الساعة، كل هذه الأخطار تعلم بها قناة العرب قبل غيرها ويعلم بها موظفوها وطواقمها الفنية.
إذاً اليوم نلوم هذه القناة التي يجب أن تكون منارة للحقيقة التي عجزت جميع القنوات العربيــة والأجنبيـــة عــــن بيانهــا، إلا بعــض القنوات التي كانت تقوم على أموال متبرعين كقناة صفا ووصال، والتي وقفت مع البحرين خلال المؤامرة الانقلابية وكانت صوت شعب البحرين، عاشت معاناتهم وساندهم، لهذا مازالت في قلب شعب البحرين، فأهل البحرين حافظون للمعروف باقون على الجميل فوق رؤوسهم إلى يوم الدين.
كما أن الشعوب الخليجية والعربية قد ملت أخبار القنوات التي تعرف أن بعضاً من أخبارها يجانب الحقيقة مستغفلة مستوى هذه الشعوب التي تستطيع الوصول إليها، في ظل تواجد المصادر الإخبارية على المواقع الإلكترونية، فما عادت اليوم تخفى خافية، وها هي الشعوب تصد عن هذه القنوات، وذلك بعدما استصغرت عقولهم وتجاهلت مشاعرهم، حيث باتت الشعوب العربية مستاءة مما يجرى في سوريا والعراق واليمن والبحرين، ومازالت هذه القنوات تغرد خارج السرب بنفس الأسلوب والطريقة، متجاهلة حقيقة الإعلام الذي تريد أن تشاهده هذه الشعوب، ولذلك ساهمت هذه القنوات في خلق حنق وغضب مما جعلهم يبحثون عن وسيلة تشفي غليلهم وهي مواقع التواصل الاجتماعية، حيث يمكن لأي قناة أن تعرف مستوى قبولها عندما ترى عدم التطرق لأخبارها على هذه المواقع البتة، كما لم نجد فيها مرة شكراً وعرفاناً لأي منها.
هذه الحقيقة كان يجب أن تدركها قناة العرب التي جاءت بتحدٍّ مستفز ليس لشعب البحرين بل شعوب الخليج، حين تأتي بمن يسعى لتفتيت دول الخليــج وترفــع شعــار «البحرين الكبرى» الذي تبدأ حدوده من الكويت حتى الأحساء والقطيف والبحرين وأطراف من قطر، هذه الاستراتيجية التي يعمل على تنفيذها من ترى هذه القناة -وغيرها من قنوات- أن حضورهم في برامجهم سيكون له الدور الرئيس في تفوقها الإعلامي والمنافسة التي نرى أنها غير شريفة، عندما يكون ثمنها ضياع دول الخليج وخدمة للهدف الصهيوني الإيراني، حيث يسرهم أن يشاهدوا قناة مقرها البحرين تساهم في الإعلام الذي يعود بإيوان كسرى وتحقيق الحلم الإسرائيلي بدولتهم الكبرى من النيل إلى الفرات.
كان على قناة العرب أن تراعي الضوابط والالتزامات، وهي ضوابط والتزامات مصيرية، فهي ليست لمصلحة حكام البحرين أو شعبها بل لمصلحة الأمة، وأما أن تفتح قناة وتكون بوقاً للانقلابيين والمتآمرين على دول الخليج فهذه ليست مهنية ولا شطارة إعلامية بل هو قصر نظر بعد أن تغيب مصلحة أمة في سبيل تحقيق كسب إعلامي شعبيته كشعبية قناة المنار والعالم والكوثر والكوت وفدك، وبعدها لن تحتاج إلى مراسلين ولا برامج.
ولكن لابد أن نذكر الجميل، فجميل صاحب هذه القناة فوق رؤوسنا ولن ننسى وقفته المشرفة مع البحرين أثناء المؤامرة الانقلابية ونقول له جزاك الله عن البحرين وشعبها خيراً، ولكن يؤسفنا رد الجميل بتقديم البحرين على صحن من ذهب لإيران.