قل لمن يجهل من هي اليمن؛ هي بطون العرب وحضارة مأرب وممالك سبأ، وذو ريدان، وحضرمـوت، ويمنت، وتهامة، والطود، والأعراب، ومهد أنبيـــاء الله؛ نوح وأيوب وهود وصالح وشعيب، وهي من أهدت لسليمان بلقيس بالكرسي، وقتلت الأسود العنسي، وألبست العروبة ثوب المنن بسيف بن ذي يزن حتى زاره عبدالمطلب نيابة عن العرب، والسؤال الكامن في الوعي الباطن لكل مسلم ذي عقل وحس للفضول والمعرفة؛ أبعد كل هذا تحتل اليمن؟ ومن من.. من الصفويين؟!
إن العروبة لتنتحر إن صحت من نومها يوماً لتجد اليمن قد ضاع، وكيف لا؛ واليمن هو أصل الحكمة، فهل نرضى فقدها في وقت نحن أحوج فيه إلى الحكمة؟!
قل لملالي إيران والطامعين الجدد أو المستأجرين ممن أعماهم حب السيطرة ودوافع الانتقام والثارات القديمة، واستحكام العداء المتأصل في نفوسهم عبر السنين؛ إن عدم استذكار الماضي وتكرار مغامراتهم الحمقاء ورهاناتهم الخاسرة واحتلال أراض سنية وفرض تشييعها بقوة السلاح، رغم تأبيها واستعصائها على القبول، هي بداية أفول مشروع تصدير الثورة وحلم الخميني، وكل قوى الشر والفتنة والتآمر والخيانة على دول الخليج العربي.
لم يعد اليمن شأناً داخلياً أبداً، ومن يفكر بهذه الطريقة فهو أعمى البصر والبصيرة، بيد أن أحداً ممن يتمتعون بذرة عقل لا يستطيع إنكار حقيقة أن خسارة اليمن تعني أن جنوب الجزيرة العربية بقبضة إيران، فهذا الانقلاب الحوثي، الذي لا يمثل غالبية الشعب اليمني بل فئة محدودة جداً، لا يحق لها في أرقى الديمقراطيات الحكم منفردة، فضلاً عن ممارساتها العنيفة في قتل وسحل أفراد الشعب اليمني في الشوارع العامة لليمن، في تحدٍّ سافر لـ«دولة القانون»، والتي ذهبت ضحية لفكر استئصالي طائفي عميل ليس له علاقة لا بالوطن ولا بالدين.
ألا يذكركم السيناريو اليمني بسيناريو مشابه له من حيث الدافع والهدف؟
نعم؛ بالتأكيد يتطابق مع المشهد البحريني، خصوصاً وأن المحرك هنا وهناك واحد، فالحوثي والوفاقي لا يختلفان عن بعضهم بعضاً، وكلاهما رضع من ثدي إيران.
الفكرة الأساسية في مسرح التآمر والفوضى الخلاقة ألا شيء في مكانه، فالقناعات تصير أفكاراً رغم أنها في الأصل أفعال، نعم وحدها القناعات تترجم أفعالاً، فإيماننا الراسخ بأي شيء هو الوحيد القادر على تحويل الفكرة إلى واقع، لذلك يبقى الجميع يدورون في حلقة مفرغة، رغم أننا نعيش واقعاً يبدو للوهلة الأولى قلقاً مضطرباً، وينبئ بجلبة هائلة وأحداث قد تغير شكل المنطقة عن بكرة أبيها، لكن الثابت أن درجة التحجر أصابت العقول، فالأيام تمضي علينا والزمن يتآكل ويتسرب من بين أيادينا وعواصم وأوطان تسقط، بينما هم لا شيء ولا خطوة واحدة إلى الأمام، وكأن على رأسهم الطير.
- هل سمعت
مصطلح «التبلد»؟!
ويقصد به تبلد المشاعر والأحاسيس وفتور الوعي لدرجة اللامبالاة، ويبدو أن الأمة العربية وبعد مضي أربع سنوات، مازالت تعاني من التبلد، رغم أن تبعات زلزال «الربيع العربي» المنحوس الذي لم يأت بأدنى ذرة للخير قطعاً للشعوب العربية مازالت مستمرة، وتدور في الكواليس السياسية المغلقة، وتنذر بأن الآتي أشد وأنكى، فهل تنبه ولاة الأمر لما يحاك من وراء ظهورهم قبل فوات الأوان، أم هم في العسل نائمون؟!