حيث يتواجد النفط يتواجد الغرب، أما الدول التي تخلو من النفط فإن الدم هو جواز عبورها إليها، وفي حال احتاج سكان الدول الفقيرة ليد العون من الغرب فإنهم لا يجدون سوى السراب والوعود الكاذبة، وهذا ما تمثل لمسلمي الروهينغا في بورما.
يتعرض المسلمون في بورما لشتى أنواع العذابات وكافة أشكال الاضطهاد والتمييز العنصري من طرف الجماعات البوذية المتطرفة، ومن الحكم أيضاً، وبما أنهم أقلية فقد تعرضوا عبر تاريخهم الطويل للعديد من حملات الإبادة؛ فمن هم الروهينغا؟
المسلمون في ميانمار هم أقلية أمام الأغلبية البوذية، ومعظم هؤلاء المسلمين هم من شعب روينغية من ذوي الأصول المنحدرة من مسلمي الهند بما فيها ما تعرف الآن ببنغلاديش، وأسلاف مسلمي الصين في ميانمار الذين أتوا من مقاطعة يونان، وكذلك من أصلاب المستوطنين الأوائل من العرب والفرس، وجلب البريطانيون العديد من المسلمين الهنود إلى بورما لمساعدتهم في الأعمال المكتبية والتجارة.
لم تتوقف أعمال الإبادة الجماعية تجاه مسلمي بورما حتى يومنا هذا، فالحروب الممنهجة ضد الأقلية المسلمة بدأت منذ أن وطأها أول إنسان مسلم، ثم توالت الحملات الشرسة ضد المسلمين، لعل من أبرز ما ذكره التاريخ هي الحملات التي كانت ضد الهنود والمسلمين تحت الحكم البريطاني، وتحت حكم «يو نو» وكذلك تحت حكم»ني وين»، إضافة لأعمال التطهير العرقي في «مندالي» 1997، وكذلك في منطقة «توانغو»2001، إضافة لأعمال العنف والإبادة ضد المسلمين في العام 2012.
هذا وحسب منظمة العفو الدولية «فقد استمرت معاناة مسلمي الروهنغيا من انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري البورمي منذ سنة 1978، وفر العديد منهم إلى بنغلاديش المجاورة، ثم بدأت المفوضية العليا للاجئين (المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) في تقديم المساعدات لإعادة توطين الروهينغا في بنغلاديش من سنة 2005، ولكن ظهور مزاعم لانتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين هددت تلك الجهود، ومع الجهود السابقة للأمم المتحدة إلا أن الغالبية العظمى من اللاجئين الروهينغا في بنغلاديش ظلوا غير قادرين على العودة بسبب النظام الحاكم في ميانمار، وهم يواجهون الآن مشاكل في بنغلاديش لأنهم لا يتلقون أي دعم من الحكومة».
لم تلتفت كافة المنظمات الحقوقية والدولية لمصير المسلمين في هذه البقعة المنسية، ولأنهم فقراء لا يملكون النفط والثروات باتت ردود أفعال الغرب واضحة منذ أن استصرخ المسلمون كل العالم لإنقاذهم من أعمال التطهير العرقي، ولذلك بقيت المعايير المزدوجة عند الغرب، هي الحاكم والحكم لكل قضية يمكن أن ينافح عنها أو يهملها ويدير ظهره إليها.
هذا هو الغرب الذي لم ولن يتغير، فما دامت هنالك ثمة فسحة للمال ورائحة من نفط، فإنه سوف يأتي مهرولاً ولو كان مختبئاً في حجر ضب، فليس للغرب السياسي صديق سوى الثروات وسحق كرامة الضعفاء.. بورما نموذجاً، والسلام.