في هذه الزاوية، لا يمكن حصر المقالات التي كتبناها عن أهمية تطوير سوق المنامة الشعبي القديم والأصيل، والتي تحدثنا فيها من قبل مراراً وتكراراً عن ضرورة أن يظل سوق المنامة عامراً بأهله من البحرينيين، متمنين أن تعود الحياة للسوق وأن نجد غالبية الباعة من المواطنين وليس من الأجانب فقط.
كافة السجلات والرخص التجارية في سوق المنامة هي ملك لبحرينيين أقحاح، لكن المشكلة أن هؤلاء قاموا بتأجير سجلاتهم أو حتى ربما بيعها بطريقة مخالفة للقانون للتاجر الأجنبي، فقط من أجل رفضهم العودة لسوق المنامة؛ إما لسبب مقبول أو لعذر أقبح من ذنب.
اليوم من تبقى من التجار البحرينيين بدؤوا يستشعرون الخطر من انتهاء مهمتهم في السوق التي أسس بنيانه أجدادهم الأوائل، وبدأ بعضهم في إطلاق صرخات استغاثة للجهات المعنية والمختصة للحفاظ على ما تبقى من سوق المنامة من الاختطاف الممنهج من قبل الآسيويين الذين أصبحوا اليوم يملكون غالبية متاجر السوق، ولهذا فإن التاجر البحريني بدأ يشعر بالخطر من انتهاء وجوده في سوق طالما حلم بتطويره، فكان جزاؤه التهميش وعدم سماع صوته.
من تبقى من التجار البحرينيين في سوق المنامة، ومعهم اللجنة الأهلية لتطوير سوق المنامة، بدأوا في التحرك الحثيث لإنقاذ السوق، لكن في كل مرة يرون آذاناً صاغية لهم لكنهم لا يرون أي تفاعل حقيقي على أرض الواقع، حتى إنهم باتوا يشعرون بأن هذا السماع المنمق من أجل أن يوهموا الجميع بأنهم يستمعون لهموم ونبض التجار، لكن الواقع يكذب كل هذا الوهم من طرف غالبية الجهات المسؤولة.
لا يمكن لموظف يشتغل في وزارة التجارة أو الغرفة أو أية جهة معنية بشؤون التجار والأسواق الشعبية، وهو يستلم راتبه نهاية كل شهر، أن يقاتل من أجل تطوير سوق المنامة أو غيره من الأسواق الشعبية، فالموظف لا يملك أسهماً في هذا السوق، وليس له أدنى ربح من دخول معركة تطوير سوق المنامة تحديداً حتى ينافح ويحارب من أجله، ولهذا فإن كل ما يمكن أن يقوم به هو إعطاء التجار مساحة واسعة من الوعود لا أكثر، ولهذا فإن تجار سوق المنامة من البحرينيين بدؤوا يجدون أنفسهم خارج حسابات السوق تماماً.
يقول المثل الشعبي» لا يمدح السوق إلا من ربح فيه»، ومادامت الأرباح غير واضحة، وتدخل مباشرة في جيب الموظف المعني بتطوير سوق المنامة، سيظل التاجر البحريني وحده من يعاني عواصفه ومخاطره وارتداداته المستقبلية، ولن يكون هنالك أكثر إخلاصاً من التاجر نفسه وهو يدافع عن مكتسبات السوق التي أسسها الآباء، ففرط فيها بعض المسؤولين.
ربما تكون هناك نوايا صادقة لبعض المسؤولين لتطوير سوق المنامة، لكن لا يمكن للنوايا الحسنة منفردة أن تطور سوقاً يحتاج لجهود جبارة ومستمرة كي يقف على قدميه من جديد بعد إعياء قديم، ولهذا فإن نضال التجار البحرينيين ومعهم اللجنة الأهلية لتطوير سوق المنامة سيظل مستمراً حتى لو أعطت بعض الجهات المسؤولة الأذن «الصمخة» لكل الأصوات الوطنية من تجار البحرين المخلصين الذين يسعون لتطوير أعرق أسواق الدول العربية على الإطلاق، والذين مازالوا يتساءلون؛ ما هو الحل يا مسؤول، يا من بيده مفاتيح السوق؟