بحرينيون يحتفلون بالرابع عشر من فبراير من كل عام باعتباره مناسبة وطنية كاحتفالهم بيوم العيد الوطني وذكرى جلوس جلالة الملك منتصف ديسمبر سنوياً.
الاحتفال بأي مناسبة وطنية هو احتفال يحمل مشاعر وعواطف كبيرة من المواطنين تجاه بلدهم، وتجاه قيادتهم، وتجاه حكومتهم التي تمثل الإرادة الشعبية دستورياً وسياسياً.
بعيداً عن هذه المشاعر المقدرة، فإن الحديث حول نتائج الميثاق سياسياً حديث طويل يتطلب مشروعاً بحثياً طويلاً وعميقاً.
ميثاق العمل الوطني يعد نموذجاً لإطار سياسي يقوم على كيفية الانتقال من حالة غير ديمقراطية إلى حالة ديمقراطية بتحول يوازن التنوع المجتمعي والتباين في المصالح.
ليس ذلك فحسب بل الميثاق يقدم تجربة فريدة من نوعها لكيفية إحداث توافق شعبي عام بين مختلف مكونات المجتمع على مسار سياسي مستقبلي. وأيضاً الميثاق يقدم حالة دراسية مميزة لكيفية التحول من نظام سياسي أوتوقراطي إلى نظام ملكي دستوري ينظم الصلاحيات الدستورية والمؤسسات السياسية المختلفة.
جميع هذه التجارب تحسب لجلالة الملك مهندس الإصلاح السياسي الحديث في البحرين والذي لم يكتف بهذه التجارب المهمة فحسب، بل قدم دروساً مهمة في السياسة المقارنة لكيفية حشد الدعم والتأييد الشعبي لمشروع سياسي متقدم من خلال مبادرات سياسية متزامنة وجريئة كانت نادرة على صعيد تجارب الحكم في العالم.
من الطبيعي للغاية لأي تجربة ديمقراطية وسياسية متقدمة أن تواجه سلسلة من الأزمات باستمرار، وهو ما دفع الكثير من الباحثين وعلماء السياسة المقارنة إلى تشخيصها وتحليلها وتقديم الرؤى والتصورات بشأن كيفية معالجتها.
ولذلك فإن الأزمات التي واجهتها الديمقراطية البحرينية منذ العام 2002 وحتى اليوم طبيعية بعيداً عن العوامل والأسباب، ولكن الأهم أن التحول الديمقراطي مستمر دائماً ولا يتوقف، ومشاكل هذه الديمقراطية تعالج ديمقراطياً بمزيد من الديمقراطية.
هذه الحقيقة كانت موجودة وثابتة في جميع أزمات ديمقراطيتنا وتمت معالجتها بنفس النهج سواء من خلال المؤسسات الدستورية القائمة وحتى من خلال المؤسسة الملكية التي دعت كثيراً لسلسلة من الحوارات الوطنية، وهذه العملية تمت وفق الصلاحيات والضوابط التي حددها الدستور.
المحصلة النهائية أن مقارنة مسارات الديمقراطية البحرينية طوال 14 عاماً من شأنها معرفة حجم الإنجاز ومستوى التطور السياسي وإن اختلف بشأنه البعض لأنه مسار ثابت ومستقر بدرجة كبيرة.
تجربة ميثاق العمل الوطني وانعكاساتها السياسية وتغييراتها المجتمعية تجربة فريدة لم تنل حظها من الدراسة الجادة حتى الآن.