حدثني أحدهم عن أسفه لما آل إليه مشروع ميثاق العمل الوطني، وكيف أن بعضاً من الشعب لم يستطع هضم المشروع الذي وجد من أجل بناء مستقبل أفضل للبحرين وليضع البحرين في صفوف الدول العظمى، قال في أسى: «كنت متفائل جداً من مشروع ميثاق العمل الوطني الذي خطه الشعب وباركه بالإجماع، هذا الميثاق الذي لم يكن مجرد وثيقة إنشائية، أو مجموعة من الشعارات صعبة التنفيذ، بل كان بمثابة خطة عمل لصناعة بحرين الغد».
ويقول: «لقد سطر لنا ميثاق العمل الوطني نهجاً في طريق الحريات والتعددية ورسم لنا مبادئ التعايش التجانس. حتى بتنا نؤمن بغد أفضل، وحريات أكبر، ومشاركة شعبية في اتخاذ القرار؛ ولكن للأسف إن بعضاً من الشعب البحريني لم يكن بالقدر من الوعي لحمل هذا المشروع العظيم على محمل الجد، حيث التبس على بضعهم الفرق بين حرية التعبير وبين السب والقذف، والتبس على عدد آخر منهم المشاركة في صنع القرار، حيث بدأت الفوضى تنتشر تحت اسم مسيرات التعبير عن الرأي، وكل من هب ودب أقام مسيرة للوقوف على أي أمر يعتقد أنه «مهم» حتى باتت البحرين كلها «هايد بارك» وأصبح أي مواطن أو غير مواطن يعبر عن أي أمر يزعجه في العلن وكأن الموضوع برمته أصبح «موضة».
ويضيف قائلاً: «حتى المجلس النيابي الذي تأملنا فيه خيراً دمر آمالنا وحطمها، حيث إن هذا المجلس وجد من أجل تقنين أصوات الشعب وإيصالها بسلاسة عبر السادة النواب، ولكن للأسف فالنائب بمجرد الفوز ينسى بأنه ممثل عن الشعب ويرتفع صوته ويخفت صوت الشعب الذي انتخبه».
ويقول: «عن نفسي مثلاً رشحت أفضل الموجودين من المترشحين في منطقتي وقد اقتنعت نوعاً ما من برنامجه الانتخابي، ولكن ومنذ بدء دور الانعقاد، والنائب الذي رشحته لم يطرح شيئاً مما وعدنا بطرحه في المجلس، بل أظهر أداءً سيئاً، فهو دائم الصراخ والشجار داخل المجلس ليس هذا وحسب بل إنه يطرح أموراً لا تخص الشعب البحريني و»يزعل» ويترك القاعة إذا كان الطرح لا يعجبه. وإنني لأستغرب لماذا لا يستطيع الشعب طلب طرح الثقة بنائب لم يبد أداء حسناً في المجلس، وهل علينا أن نتحمل «التصرفات غير المسؤولة» لهذا النائب 4 سنوات؟! إذا كان الشرع أباح الطلاق إذا لم يحصل انسجام بين الزوجين فلم لا يحق للشعب أن يعترف بأنه اختار النائب الخاطئ ويطلب الطلاق أو الخلع؟!».
ويكمل: «أعلم بأن التجربة حديثة وفي كل دور انعقاد جديد أمني نفسي بأن المجلس سيكون أكثر تأثيراً وسيلعب دوراً محورياً في صنع القرار عن طريق التشريعات التي تضمن العدالة والاستدامة؛ ولكن للأسف نفاجأ بنواب للشعب غير مهيئين للعب الدور المنوط بهم».
ويتابع قالاً: «مشروع ميثاق العمل الوطني مشروع رائد وعظيم ولكنه يشبه الدواء الفعال الذي أعطي لمريض دون أن يتعرف على طرق استعماله، فبدلاً من أن ينفعه هذا الدواء أضره»، ويكمل: «أرى جهوداً عظيمة تبذلها الحكومة الموقرة في مجال التنمية السياسية في مملكة البحرين، ومجهوداً جباراً يقوم به معهد البحرين للتنمية السياسية، من خلال طرح البرامج والخطط والدورات المجانية لكافة أفراد المجتمع، ولكن للأسف تعلم البعض من أفراد هذا الشعب التراخي والكسل، فالدورات المجانية الرائعة التي يقيمها المعهد لا يحضرها إلا نفر قليل واع بأهمية التعلم في مجال السياسية بكل جوانبها، حتى نوابنا الأعزاء لم يكونوا رواداً لهذا المعهد التعليمي والمتخصص في التهيئة إلا من رحمه ربي أو أجبر على أخذ عدد من الدورات بعد فوزه بالانتخابات».
ويواصـــل: «أما على صعيد الشعــــب فرواد المعهد معروفون وهم «قلة من المهتمين» من رواد العمل السياسي أو الإعلامي. وعلى الرغم من مساعي معهد البحرين للتنمية لتقديم المزيد من أجل بناء جيل وطني يفقه أبجديات الديمقراطية إلا أن الجهود يجب أن تتضافر من جميع الجهات ومن جميع الأطراف لخلق جيل واع يستطيع حمل بنود ميثاق العمل الوطني وتنفيذها لنحقق ما يصبو إليه الميثاق وننعم بغد أفضل».
بالفعل إن ميثاق العمل الوطني ليس مجرد وثيقة إنشائية بل هو وثيقة عهد بين الحاكم والمحكوم نظمت المقومات الحضارية والمقومات الأساسية لمملكة البحرين والمجتمع البحريني، وحددت المبادئ وأسس الدولة الديمقراطية الحديثة التي تكفل جميع الحريات.
وما التوافق الكاسح الذي حصل عليه ميثاق العمل الوطني إلا دليل قاطع على إيمان الشعب بما ورد فيه.
فعندما طرح جلالة الملك المفدى ميثاق العمل الوطني، وحظي بتأييد شعبي واسع، كان جلالته يسعى إلى ترسيخ مفهوم الديمقراطية لدى الشعب البحريني لإيمان جلالته بنهج الشفافية والحرية والمشاركة الشعبية.
حيث يعتبر ميثاق العمل الوطني خارطة الطريق التي ترسم لنا مستقبل البحرين. وقد بدأنا فعلياً في جني ثمار هذا المشروع الوطني الرائد على كافة الأصعدة والمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتمكين المرأة وتعزيز عمل المجلس الوطني فلنواصل السير في الخط الذي انتهجناه بالتوافق مع قيادتنا الرشيدة لنجني مكتسبات أكثر.0