طوال هذه السنوات، كان انتقادنا للوفاق يهدف لتوعية كثير من المخدوعين فيها، لتنبيه كثير ممن صدقوا أوهامهم، وممن آمنوا بأن هؤلاء لديهم مشروع هدفه المواطن والوطن.
حينما كنا نضع كلام الوفاق وأفعالها ونرد عليها بالحجج والمنطق، ونبين التناقضات والادعاءات، لم تكن الوفاق بحد ذاتها هدفها، فكلنا نعرف منذ تأسيسها بأنها جمعية طائفية ذات لون واحد، وأن مؤسسيها كانت لديهم أطماعهم التي اتضح بأنها مازالت قائمة تستهدف الحكم في البحرين ولا شيء آخر، لكن الهدف كان وقف استمرار خداع الناس والتغرير بهم، واستغلال مبرر المذهب والدين حتى يكونوا في جبهة مضادة للوطن، هذا الوطن الذي احتضن جميع أبنائه بغض النظر عن ألوانهم ومذاهبهم، بخلاف الوفاق.
حينما نسعى لتنوير أشقائنا في الوطن، ونسعى لبيان حقيقة من يخدعونهم، يتم اتهامنا بأننا عملاء للنظام وهو اتهام بحد ذاته غريب، إذ أهي تهمة أصلاً أن تكون موالياً لبلدك مسانداً لنظامك الشرعي المحافظ على هوية البلد وأصلها العربي الخليجي، عوضاً عن تحولك لخنجر في ظهرها توالي الطامعين فيها.
وعليه فإن من يستوعب حقيقة الوفاق من أتباعها والسائرين خلفها، هم أصحاب القول الأقوى، وهم أصحاب الإثبات وأفضل من يدحض كذبهم، فهو مر في طريقهم، اختبر حقيقتهم، واستخلص خلاصة عن تجربة، هي ما تجعله يلتصق ببلده أكثر، حينما يكتشف خطورة الهدف الذي يسعون خلفه.
هذه تغريدة وثلاثة أسئلة وجهها مواطن شيعي يدعى محمد رضا على وسائل التواصل الاجتماعي لمن يصنفون على أنهم أتباع للوفاق ومخدوعون فيها وفي ما تدعيه من برنامج وأهداف، أسئلة تستحق التأمل، خاصة وأنها تضرب على وتر «التناقضات» الذي دائماً يهز الوفاق هزاً ويضرب مصداقيتها بسهولة ويكشف زيفها بلا عناء.
يقول في تغريدته: من أراد أن ينظر إلى الدولة المدنية، دولة المواطنة وحقوق الإنسان التي ستبنيها المعارضة. فليزر إحدى القرى التي تتمتع اليوم بالحكم الذاتي. ويقول في سؤال: هل تتصور أن من لا يبالي بأن يسيل دمك في سبيل الوصول للحكم، سوف لن يهدر دمك للبقاء في سدة الحكم؟
ويقول في سؤال ثان: هل تصدق أن من يصادر حريتك اليوم في عبور الطريق والعمل والبيع والشراء وحتى إنارة المصابيح، سوف يعطيك حريتك التي تحلم بها إذا مسك زمام الحكم؟!
وفي سؤال ثالث يقول: لك أن تتخيل من يحبس الناس في بيوتها ويجبر المحلات على الإغلاق ليصل إلى الحكم، ماذا سيفعل للحفاظ على الحكم؟
هذا غيض من فيض، إذ لو أردنا حصر تناقضات الوفاق التي تكشف كذبها بشأن الشعارات التي ترفعها في إطار الديمقراطية وحرية التعبير وادعائها الدفاع عن الناس لما كفتنا أوراق الصحيفة كلها، والمؤثر في هذا الكلام كونه صادراً من مواطن من الطائفة الشيعية الكريمة، نجزم بأن قناعته هذه لم تترسخ إلا حينما قارن الشعارات والادعاءات بالواقع، واكتشف بأن تسويق الكلام لدى الوفاق أفضل مهارة تمارسها، وأن غسيل الأدمغة وخلق الأتباع هو أحد أهدافها الاستراتيجية للبقاء والاستمرار.
من يقول لنا بأن الوفاق تريد الديمقراطية، نقول له بأنها أثبتت عكس ذلك بامتياز حينما هاجمت بضراوة عضوها بونبيل حينما قرر الترشح لمجلس النواب، وكيف كتب أمينها العام -الموقوف بتهمة التحريض- تغريدة عاجلة يسلخ فيها بونبيل من انتمائه السياسي في إثبات لتكريس الديكتاتورية وهوس التبعية المطلقة. وعليه من لا يؤمن بالديمقراطية في جمعية لا تقوى على جمع قرابة 4 آلاف عضو في جمعيتها العمومية، كيف يمكنه إثبات قدرته فيما يدعيه على منح الديمقراطية لجميع شعب البحرين؟!
الوفاق غير مأسوف عليها أبداً، كجمعية تحولت لخنجر في خاصرة الوطن، تصرفات بعض أعضائها وتصريحاتهم لا علاقة لها بالانتماء لهذه الأرض والولاء لها، بيد أن الأسف على من مازال يصدق بأن هؤلاء من سيدخلونه الجنة، ومن يصورون له حياته الحالية أنها جحيم، في وقت أبسط ما فيه مجرد رؤية مداخل القرى نفسها وكيف تسد بالإطارات والحاويات المحرقة وكيف يتطاير فيها المولوتوف وكيف يتأذى قاطنوها ليدركوا أنه من الاستحالة أن يصنع أهل النار والتخريب جنة للناس ينعمون فيها بالأمان.