الأسبوع الماضي شهد بعض أعمال العنف والحرق والتخريب، في محاولة لإدامة مسلسل الإرهاب الذي بدأته جماعة الولي الفقيه قبل أربع سنين تقريباً، ولست أظن أن أحداً ممن عايش مؤامرة 14 فبراير يستطيع الفصال والجدال في حقيقة أن الوفاق تدين الإرهاب في العلن فيما تدعمه في الخفاء طوال السنين الأربع الماضية، لم تبد أية ملامح أسف ولم تسع إلى تصحيح أخطائها أو تندم على خطاياها أو تعالج مرضها.
المسألة هنا تحتاج إلى محللين نفسيين لا إلى محللين سياسيين؟ والحقيقة أن ما صنعته هذه الجمعية بالبحرين، وما ذقنا على يديها طوال سنتين ونيف يجعل المرء يقول أكثر من ذلك.
على فكرة؛ هذه الأيام صدعوا رؤوسنا وقرفونا بالحديث والهلفطة عن حرية التعبير، مع أنهم أكثر ناس ضيقاً من النقد، بل وأكثر ناس يشكون ويقاضون الصحافيين!!
تعود لنا ذكرى المؤامرة، ذكرى الطعن في الظهر ومحاولة جماعة ولي الفقيه خطف الوطن، مستندة إلى غريزتها الطائفية وميولها المتأصلة وحقدها على بني جلدتها، وكم يكون الطعن في الظهر مؤلماً حد الموت عندما يكون الجراح من يد شريك في الوطن، لكن نحمد لله فسهام الغدر انقلبت على فاعلها.
استرجع ذكرى المؤامرة بينما قلبي مفطور مكسور ورأسي مضطرب وساخن جداً؛ فقد خطفت منا أعز ما نملك (التعايش السلمي بين المكونين)، بعد أن كنا مثالاً للأخوة في الوطن والدين، حين كان الجميع (شقيقاًَ وقريباً) يجهرون بالحب الممزوج بالولاء لتراب هذه الأرض.
ومع ذلك ولكي لا أسرف كثيراً في جلد الذات، من الضروري والمهم عدم التعميم، لأن التعميم يعد ظلماً وإجحافاً للغالبية العظمى من الطائفة الشيعية الكريمة، وسبق أن كتبت ونشرت، وقبل عامين ونيف تقريباً قلت: «الوفاق لا تمثل عموم الشيعة في البحرين، وأن لولا ميليشياتها المدججة بالمولتوف والقنابل المصنعة محلياً وبصنوف الأسلحة وسيطرتها على القرى، وبثها الرعب في قلوب الأهالي، لنفضوهم إخواننا الشيعة المخلصون وخسفوا بهم الأرض، وأن إصرار الوفاق على التحدث باسمهم يشكل إهانة للشيعة، إذ كيف لقياداتها والتي انكشف مدى ضعف وهشاشة ومحدودية وسذاجة كوادرها السياسية أن تتحدث باسم الشيعة في الوقت الذي لا يتجاوز عدد أعضاء جمعيتهم الـ 1700 عضواً، وهم المشاركون في انتخابات مجلس شورى الجمعية والذي عقد في إبريل 2012.. يا أخي فعلاً الغرور مرض».
ومن جملة ما كتبته أيضاً ونشرته صحيفة «إيلاف» في 21 إبريل 2011، وها أنا ذا أستأذنك عزيزى القارئ أن أعيد نشر ما قلته مرة أخرى، ليس فقط لأن العرض ما زال مفتوحاً، ولكن أساساً لأن هذا الشعب لا يمكن أن تنصلح أحواله ويرجع «سمن على عسل» إلا بقبول الوفاق لاقتراحي، فقد قلت في تلك السطور القديمة: «اليوم نحن نستشف مستقبلنا، مستقبل البحرين المشرق، بعزيمة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ومساندة أشقائنا في دول مجلس التعاون، سيكون وطننا أفضل، وأجزم أنه سيكون أجمل مما كان، لكن أيها الباهتون، لا مكان لكم في هذا المستقبل، فبعد أن كنتم رموزاً سياسية للشعب، باتت إفرازات ما حدث ترفض أن تعيشوا معنا الواقع الذي نعيشه اليوم، أو تنتقلوا معنا إلى المستقبل.. الشعب يرفضكم ولا مكان لكم في قلوبهم.. الطريق إلى المحرق والرفاع والزلاق غير سالك، والمطلوب هو خروجكم من المشهد السياسي بلا رجعة، تلك صرخة من الشعب يقوله لكم: أخلوا (الساحة) وعلى الجمعيات السبع التفرق»!!
وأختم مقالي بالقول، إنني لو كنت واثقاً من وجود قيادات عاقلة في تلك الجمعية أو تابعيها ومرتاديها تقدر الموقف والحاجة الوطنية لذلك، لكنت راهنت عليه، غير أنني اليوم يائس جداً لأني لم أجد من بينهم عاقلاً (مجرد عاقل واحد وليس مجرد رجال دين) يفكر في مصلحة الوطن ويسعى إلى الاعتراف بالخطأ والإقرار بالذنب، ولو حتى على سبيل التقية.