حين تكون مندمجاً منغمساً في حديث مهم وفي مناقشة تفاصيل دقيقة فيه وفجأة تسمع صوت فرقعة تلتفت لترى مصدر الصوت الذي قطع حديثك المهم فإذا به صوت انفجار إطار سيارة أو صوت إغلاق باب بشدة، ما الذي يحدث عادة بعد تبين مصدر هذا الصوت؟ الذي يحدث أنك تعود للمناقشة الجادة وتبدؤها «شكنا نقول؟» أي ماذا كنا نقول؟ أي إلى أين وصل بنا الحديث؟ وتعود لتكمل وكأن صوتاً لم يسمع، هكذا نحن مع فرقعات 14 فبراير من كل عام منذ 2011 إلى اليوم.
قبل 14 فبراير كنا نتحدث في مسألة ميزانية الدولة التي ستقدم للنواب قريباً مصحوبة بتفاصيل البرامج الوزارية ونتساءل في الكيفية التي سيتعاطى بها النواب المنتخبون مع هذه المهمة العسيرة والمعقدة والتي تحتاج لخبرة واختصاص، وتلك المهمة هي لب القضية النيابية وواحدة من أهم أغراض السلطات المنتخبة وميدان تتحقق فيه أقوى فرص الإرادة الشعبية في إدارة الدولة ومثلها كذلك مناقشة الحساب الختامي وتقرير ديوان الرقابة المالية.
وقبل 14 فبراير كنا نقول نتحدث عن الإرادة الشعبية وكيفية تحققها في الرقابة على الأداء الحكومي وكيفية توظيف الأدوات الرقابية في مسائل مثل التحقيق في قضية اللحوم والمواشي وكنا نقول عن ضرورة حيادية الأمانة العامة وكنا نقول عن مراقبة أوجه صرف الدعم الخليجي وكلها أمور سياسية تدور حول عملية «إدارة الدولة» بتفاصيلها، فتطوير الخدمات العامة وتحسينها هو ما تسعى إليه العملية الديمقراطية على أن تجري تحت قبة مؤسسة دستورية جرى انتخاب أعضائها من عامة الشعب يتحاورون بأدوات دستورية وضوابط مؤطرة مجبرة السلطة التنفيذية على التعاطي معها باحترام وبتقدير، فمن كان يريد أن يكون له موقع «معارض» للحكومة كان يجب أن يتخذ له مقعداً هنا ويمارس حقوقه ويتخذ مواقفه كيفما يشاء ويتمتع بحصانة برلمانية وتجبر الحكومة على فتح أبوابها ومغاليقها أمامه، والبحرين اليوم لديها أربعون نائباً تراقب أداءهم السلطة الشعبية ويراقبون هم السلطة التنفيذية بكل أريحية ونتعلم سوياً تطوير التجربة الديمقراطية، هذا ما كنا نقوله وسنواصل الحديث والاهتمام به بعد أن تبين لنا مصدر الفرقعة التي حدثت يوم 14 فبراير.
صدق الله العظيم إذ قال جل وعلا وقوله الحق: «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».
شكنا نقول؟