سطرت مملكة البحرين منذ القدم أروع صور التعايش والانسجام المذهبي والعرقي، وكانت وما زالت محضناً يضم ألواناً وأطيافاً من الأديان والمذاهب والثقافات. ولم تعرف هذه الأرض الثمينة وما أنبتته من شعب فريد سوى الحب الصادق والتعايش الراسخ، المتجذر في نفوس أبناء هذا الوطن الشامخ.
وما أن جاء هذا الميثاق «ميثاق العمل الوطني» حتى وأكد على هذه المبادئ النبيلة وعززها، فضلاً عن ترسيخه للعديد من المفاهيم الحضارية في مملكتنا الغالية، فاستطاع بحق أن يرسم صورة جديدة مشرقة، نقش على أوراق شجرتها الوارفة قيماً راقية وأخلاقاً رفيعة وأصيلة.
لم يكن ذلك يوماً عادياً عندما اجتمع فيه جميع أبناء مملكة البحرين من كل حدبٍ وصوب، وهتفوا بصوت واحد «نعم للميثاق»، فكان يوم 14 فبراير لعام 2001، معلماً بارزاً في تاريخ البحرين المعاصر، وحدثا لا ينسى، وذكرى لا يمكن أن تزول من ذهن المواطن البحريني. فقد بزغ في ذلك اليوم شعاع التغيير وانبلجت شمس التطوير، وشهدت هذه الأرض الطيبة في عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، العديد من الخطوات الإصلاحية على جميع الأصعدة والمستويات، ونالت هذه المبادرات التاريخية تأييداً قوياً من جميع أبناء البحرين، لاسيما بعد صدور قرار «الميثاق»، الذي يعد انطلاقة محورية نحو التميز والازدهار.
لقد كانت فعلاً - ولله الفضل والمنة - نقلة نوعية في أسلوب عيش هذا الشعب الطيب ورقي فكره وثقافته، ثقافة المشاركة في بناء الوطن ووحدته وتقدمه. فقد أتاح الميثاق لنا أن نشارك في صنع القرار عن طريق صندوق الاقتراع لانتخاب نواب الشعب، والمشاركة في خدمة المجتمع عن طريق انتخاب الممثلين البلديين، والمشاركة في مختلف أنواع الحراك عن طريق تأسيس الجمعيات السياسية والاجتماعية والمهنية وغيرها.
وحري بنا أن ندرك أنّ هذا «الميثاق» استطاع بقيادة راعيه العاهل، وبما يمتلكه من فكر مستنير ورؤية ثاقبة أن يطوي آلام الماضي، وأن يرسم خارطة طريق للمستقبل من خلال بناء وطن الكرامة والمحبة على هذه الأرض، فمملكة البحرين كانت ومازالت تكتب اسمها على خارطة دول العالم، ودائماً ما تضرب أروع الأمثلة في تجسيد التعاون والعمل على انسجام السلطة بالشعب، والعيش في ظل حضارة تتسم بالتعددية، وترسخ ثقافة التسامح وقبول الآخر.
شعلة: ما نعيشه من حضارة ورقي يجب استثماره في التكاتف والبناء، لا في التفرقة والفوضى.