هذه هي الثقافة المغلوطة التي تكرسها الوفاق وترسخها في ذهن أتباعها خاصة صغار السن والشباب، من يخرج للشوارع ملثما يحمل الإطارات ويسد بها طريق الناس، ومن يرمي رجال الأمن بالمولوتوف يطلقون عليه اسم «بطل»، في حين من يقوم بحماية الناس، ويزيل الحواجز وما تم به سد طريقهم، ويحاول حمايتهم من هذه الفوضى تسميه الوفاق «مرتزق»، وهي ما دأبت على وصف رجال الأمن الذين يقومون بواجبهم به.
اليوم تحصل لدينا ممارسات تستهدف الشباب والأطفال، هي تصنف في الغرب على أنها «ابتزاز» للطفولة والشباب، وعلى أنها تعد على براءتهم وطفولتهم، حينما يتم إقحامهم إقحاماً في أعمال لها أبعاد سياسية، والأدهى حينما يستخدمون كوقود محرقة في الشوارع عبر التخريب وممارسة الاعتداءات على حرية الناس.
الوفاق توهم الناس بأنها ستصنع لهم الديمقراطية الحقيقية، لكن لأجل الوصول لذلك، عليكم يا أتباعها أن تقبلوا بأن تسد مداخل ومخارج قراكم، عليكم أن تقبلوا بأن يتم غلق المحلات وتعطيل مصالحكم، ولا يهم من تضرر جراء ذلك، من شيوخ، عواجيز، أطفال، المهم أن «تنغلقوا» على أنفسكم في مواقعكم، وتقبلوا بأن تكون مناطقكم بؤرة لرمي المولوتوفات وحرق الحاويات والمصادمات المتعمدة مع رجال الأمن بغية رمي مسيلات الدموع في المقابل، والنهاية تكون بتضرر أهل المنطقة.
كل يوم وآخر طالبوا الناس بإضراب، طالبوهم بإغــــلاق المحـــلات والتضحيــة بتجارتهــــم ومصالحهم، ومن يخالف يكون عرضة الترهيب والتهديد، وهذا واقع لا يمكن أن ينكروه، وكثير من إخواننا الشيعة يعجزون عن النطق خوفاً من الانتقام والتهديد والوعيد، إذ عضو فاعل في الوفاق تم تهديده فقط لأنه أراد قول رأيه بـ«حرية» وأراد ممارسة حقه الذي يكفله له الدستور بـ«حرية»، فما بالكم بالبسطاء.
هل بهذه الأفعال يؤمن الناس بأنهم سيقلبون النظام، وأن حياتهم ستكون أفضل مما هي عليه الآن؟!
فقط نعود لتساؤلات أمس ونقول كيف لمن يقمع رأي الناس ويقيد من حريتهم لينفذوا ما يريد، ليطيعوه فيما يأمر، ليوقفوا حياتهم، وليضحوا بأبنائهم في الشوارع، كيف له بعدها أن يقبل منهم رأياً مخالفاً أو حراكاً احتجاجياً أو دعوات لإسقاط قياداتهم، مثلما هم يفعلون اليوم مع الدولة؟!
الوفاق تريد تصوير الدولة على أنها لا تتوانى عن اتخاذ إجراءات انتقامية مع من يختلف معها، لكنها في الوقت نفسه تنسى وجود كثير من الشواهد التي تدحض ادعاءاتها، فقط يكفي بيان أن توقيف أمينها العام علي سلمان جاء بعد 12 عاماً من توقيفه الأول، وهو ما كتبه رئيس تحرير الوسط في أحد مقالاته، ما يعني أنه رغم ما قام به سلمان طوال هذه السنوات لم يتم التعامل معه بنزعة انتقامية، مثلما تعامل هو نفسه مع عضو جمعيته بونبيل، ولم يتم توقيفه إلا حينما تكلم بكل صراحة ووضوح عن أسلحة وبدء حرب ومحادثات مع جهات خارجية تضمر الشر للبحرين.
البحرين كدولة مازالت تثبت بأنها ليست ذاك الكيان الطارد لأبنائه حتى وإن وصلوا ببعض ممارستهم لدرجة الإساءة للبلد نفسهــا، وهي حقيقة يدركها كل شخــص حاول الالتزام بمعادلة الحقوق والواجبات، كل شخص يعيش حياته بشكلها الطبيعي ملتزماً بالقوانين والضوابط.
ما نريد قوله اليوم، بأن المواطن البحريني لا يعاني من إجراءات الدولة، لا تضيق حياته من ممارسات استتباب الأمن، بل هو يعاني ممن يلعبون بحياته، ممن يسدون طريقه في توجهه للعمل أو عودته للمنزل، ممن ينغصون عليه وقت راحته بافتعالهم المواجهات وإقحام البشر الأبرياء وسط هذه المواجهات بين مولوتوفات ترمى هنا تقابلها مسيلات دموع، يعاني الناس من هؤلاء الذين لا تهمهم مصلحة الناس، إن قالوا: «إضراب عن البيع» عليكم قسراً إغلاق محلاتكم، إن قالوا: «لا تذهبوا لأعمالكم» عليهم قسراً الجلوس خوفاً في بيوتهم.
هذه هي دولة الرعب التي تريدها الوفاق، إدارة تشابه إدارة الجمهورية الإيرانية، في ظاهرها عناوين وشعارات رنانة تدعي الإصلاح والديمقراطية وتفرز مؤسسات تشريعية وشعبية «صورية» لأن الحكم في النهاية للمرشد الأعلى وليس للناس الذين هم أتباع عليهم «السمع والطاعة»، هذه هي دولة الوفاق الحقيقية، والتي لأجل الوصول لها لابد وأن تدغدغ المشاعر وتلعب على الناس وتقول لهم بأننا نحن من يملك مفاتيح «الجنة الموعودة».
والله من يتمعن في الأمور بإنصاف يدرك تماماً ما ننعم به في البحرين من تطور ومكتسبات ومن إدارة تحاول دائماً انتهاج أسلوب الحكمة، ولا تأخذ الكل بجريرة فئة صغيرة لأجل أهدافها مستعدة لحرق الأرض بمن عليها.
فقط عودوا للمثال أعلاه، وانظروا لمستوى ثقافتهم، من يقطع طريقي ويقف يواجه سيارتي بمولوتوف هو في عرف الوفاق «بطل» يدافع عن قضية، ومن يتصدى للتخريب ويحرص على حماية الناس من هؤلاء، هم من تصفهم الوفاق بـ»المرتزقة».
يا لتفاهة المعيار، من يحرق الوطن يمنح صك البطولة، من يخرج في الشارع ليعلم الأطفال الصغار على التظاهر وممارسات الشوارع «مثلما فعل نبيل رجب حاملاً الدب ومستغلاً الأطفال مؤخراً» هذا يوصف بأنه مدافع عن حقوق الإنسان، في حين لو فعلها أحدهم في الغرب لسجنوه بتهمة «استغلال الأطفال».
فقط حكموا عقولكم لتعرفوا من يريد الخير للبلد وأهلها، ومن يستغل أهل البلد لابتلاعها.