اعترافــان مهمــان جــاءا فــي تغريدتيـــن منسوبتين للمحامي حسن رضي نشرتهما جمعية العمل الوطني الديمقراطي «وعد» يوم 14 فبراير الماضي؛ الأول عن تورط «المعارضة» في عمليات السب والشتم، حيث قال «التمسك بالسلمية في الحراك أكثر من واجب، والسلمية التي يجب أن نتمسك بها ليست بالفعل فقط وإنما بالقول أيضاً كالسب والشتم والكلمات النابية»، والثاني عن ممارسة «المعارضة» للعنف، حيث قال «لحل الأمور علينا في البداية وقف أعمال العنف في الشارع رغم معرفتنا بمعاناتهم ورغم حبنا لهم وتوافقنا مع مطالبهم، لكن نختلف في الأسلوب».
أهميــة هذيــن الاعترافيـن تكمن في أن «المعارضة» على اختلافها ظلت طويلاً تنكر مسألة أن عناصرها يلجؤون إلى السب والشتم والكلمات النابية التي يحتويها قاموسهم في كل حين وفي كل مناسبة، وتنكر أنها تمارس العنف في الشارع وتردد دائماً بأنها ملتزمة بالسلمية.
ربما ما دعا رضي والمشاركين في الندوة إلى الاعتراف بهاتين النقيصتين هو ما رأوه من ممارسات واضحة ومحرجة في الأيام الثلاثة الأخيرة، حيث مارس المشاركون في المظاهرات الكثير من أشكال العنف وفلتت ألسنتهم بشكل يسيء إلى «المعارضة»؛ سواء عبر التغريدات أو التصريحات للفضائيات المحرضة على هذا النوع من السلوك.
للتذكير والتوضيح فقط؛ دأبت فضائية «العالم» الإيرانية على تشجيع ضيوفها على ممارسة السب والشتم إلى الحد الذي لم يحدث قط أن نبهت أحداً منهم إلى خطأ هذا السلوك، ولم يحدث أن قالت لشخص محسوب على «المعارضة» من المقيمين في الخارج تستضيفه باستمرار «كخ» عندما يبدأ حديثه دائماً بالسب والشتم واللعن والتسقيط، وهو ما لا يليق بـ«المعارضة» ولا بالفضائية التي تنتمي إلى «دولة إسلامية» ولا به كـ«بحريني».
وللتذكير والتوضيح أيضاً مهم لفت النظر إلى الممارسات التي لا تعبر لا عن دين ولا عن أخلاق ولا عن عقل تدعيه «المعارضة» قام بها المشاركون في المظاهرات في الأيام الأخيرة، حيث خيروا أصحاب المحلات التجارية في القرى بشكل خاص بين إغلاق محالهم أو تحمل ما يأتيهم من أذى، فاختاروا الأول على اعتبار أنه أهون الشرين، وحيث قاموا بإغلاق الشوارع بثقبها بالمثاقيب ووضع الأسياخ الحديدية فيها وسدها بالخرسانات الإسمنتية والأشجار وسكبوا الزيت فيها كي يمنعوا الموظفين والعمال من الذهاب إلى مقار أعمالهم ويمنعوا الطلبة من الوصول إلى مدارسهم، فقط ليقولوا إنهم نجحوا في السيطرة على الشوارع ونجحوا في ما دعوا إليه.
كل ما قامت به «المعارضة» في الأيام المذكورة مسيء ويضعف موقفها، وكل ما قام به البعض المحسوب عليها قبل تلك الأيام وما سيأتي من أيام مسيء لها ومحرج لأن كل هذه الممارسات التي يقوم بها «الأحبة» بعيدة عن الأخلاق والدين وبعيدة عن العقل.
لكن هل يكفي أن يدلي المنتمون إلى «وعد» بهذه الاعترافات؟ هل تكفي الإشارة إلى مثل هذه الأخطاء؟ بالتأكيد لا؛ فهذه الاعترافات إن لم تؤد إلى تغيير سلوك المحسوبين على «المعارضة» فلا قيمة لها، كما أنه ليس لها أي قيمة لو أنكر من يقوم بها ممارسته لها.
يقيني أن جمعيات مثل «وعد» و«التقدمي» و«القومي» مع السلمية وضد العنف وضد اللجوء إلى البذيء والناقص من القول، لكني على يقين أيضاً أن جمعيات مثل الوفاق وحركات وتيارات «سياسية» أخرى لا تتردد عن التبرير لممارسي هذه السلوكيات الخاطئة، وتعتبر السب والشتم أمراً عادياً وأسلوباً للتنفيس وتفريغ شحنات الغضب، ولا تعتبر العنف عنفاً، فهو في نظرها وجه من وجوه السلمية لا تتقبله السلطة!
توقف «المعارضة» عن ممارسة السب والشتم والعنف في الشارع من شأنه أن يساهم في حل الأمور العالقة.