«داعش» مفهوم جديد لنوع من الحرب الاستنزافية، جاءت نتيجة خلاصات معامل ومراكز تطوير الجرائم -بعدما عملت لسنوات في مجالات تطوير الحرب البيولوجية بالاستخدام المتعمد للفيروسات والجراثيم- وفق مفاهيم «إضعاف الخصم» واستنفاد قوته وطاقاته وإمكاناته بالتدرج.
وتدحرجت كرة «داعش» ليعلق عليها «دهان» الإسلام بلونه الأبيض، وزيت «الإرهاب» بلونه الأسود، ولتجذب على جنباتها أصحاب العقائد الهشة ومرتزقة الحروب، وما بينهما من الذين لا «أسف» عليهم ولا «حزن»، وبدأنا «نلعق» توصيفات «الإرهاب»، حتى أصبح مفهوماً مبتذلاً، وغير ذي دلالة معبرة عما يفعله هذا النبت الشيطاني باسم الإسلام.
والأوضاع في الدول العربية والإسلامية شكلت بيئة مواتية وصالحة لنجاح التوليفات الغربية والأمريكية لمجموعات خارجة عن القانون تحت مسميات إسلامية ومجموعات مطالب حقوقية، هي «أحجار شطرنج» في أيدي لاعبين أكفاء، يحركونها كيفما شاؤوا ووقتما شاؤوا، ولا أحد «يجرؤ على الكلام». وساهمت سهولة اختراق المجتمعـات العربية والإسلامية في عمليات «التزريع» أو «الاجتراح»، لبناء مغاير قائم على «التدجين»، وهؤلاء الذين يتباهون بوحشية القتل ما هم إلا جزارون متعطشون للدماء، وقدمت عملية إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً صورة مستهجنة للقتل في أبشع صوره.
إن الإرهاب ما هو إلا صنيعة ذرائعية لضرب مقدرات دول المنطقة تحت مظلة «التحالف»، فهناك قوات مسلحة خاملة بالمنطقة، وميزانيات عسكرية ضخمة بلا حروب، ونفط بدأ يتهدده نوع آخر، يضع الولايات المتحدة على رأس الدول الأكثر إنتاجاً، وفوق كل ذلك هناك شركات عملاقة عابرة للقارات ومتعددة الجنسيات لصناعة الأسلحة تتضرر من السلام والاستقرار.
لم يكتفوا بهذا الجسم الغريب المزروع في خاصرة العالمين العربي والإسلامي، الذي تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، فلم يعد هناك استقرار بالمنطقة، بل صنعوا دماميل أخرى هنا وهناك، تصيب بـ«الحكة»، وتجعل جسد الشرق الأوسط ينتفط بالحمى كذلك، وما «داعش» إلا دمل في الخاصرة الأخرى.
ولم تفتأ أحلام البروفيسور صامويل هينتغتون بـ«صدام الحضارات» تجذب إليها «الصقور» و«الحمائم» من سدنة إدارات الحكم المتعاقبة على البيت الأبيض في واشنطن دي سي، وكلهم يحلم بتفوقه في صناعة «بعبع» أو «فزاعة»، تجعل أنفاس دولنا تتصاعد و«تفتر» همتها، وتقع فريسة «الخوف المصنوع»، وتسلم راياتها. في البدء كانت 11 سبتمبر مسوغاً لمنهجية «الحرب على الإرهاب»، بهدف القضاء على قدرات «العدو» وإِمكاناته بالتدريج إلى أن يتم استنفادها، وما جاء بعدها يندرج ضمن حلقات مسلسل ومشاهد محبوكة، وليست «داعش» حلقته الأخيرة، فلاتزال لإمكانية التآمر أبواب مفتوحة.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}