الدور الذي تمارسه فضائية «العالم» الإيرانية لفت أخيراً انتباه محمد الهاشمي الحامدي، صاحب قناة «المستقلة»، فكتب «مقابل غياب أي قناة تبث لشعب إيران بالفارسي توجد قناة العالم الإيرانية في بيوت العرب، وعشرات القنوات الأخرى على نهجها»، لكن لا الدور الذي تمارسه «العالم» الإيرانية ولا ما كتبه الهاشمي ولا ما كتبه أو قاله أو سيكتبه أو سيقوله آخرون لفت أو سيلفت انتباه الحكومات العربية وحكومات دول مجلس التعاون بشكل خاص إلى ما يجري، بدليل أنها لم تتخذ بعد موقفاً واضحاً وصارماً من هذا العبث الذي تمارسه هذه الفضائية السوسة التي تبحث عن كل معلومة يمكن تضخيمها لتضرب بها دول التعاون وعلى الخصوص البحرين.
سؤال مطلوب الإجابة عنه من الجهات المعنية في هذه الحكومات؛ ما هو موقفكم من عمليات التحريض التي تقوم بها هذه الفضائية ضد النظام في البحرين؟ ولماذا هذه السلبية من قناة تخصص برنامجاً يومياً تتيح فيه الفرصة لكل من يشتهي أن يسيء إلى البحرين ويشاركها في عملية التحريض وشحن العامة ضد الدولة؟
من تابع هذه الفضائية في الأيام التي سبقت أيام الفوضى والتخريب الثلاثة الأخيرة وتابعها في تلك الأيام والأيام التالية لها لا بد أنه أدرك أنها تنفذ خطة مرسومة بدقة، وأنها لعبت دوراً كبيراً في تحريك الشارع وتحريض العامة ودعم جمعية الوفاق وغيرها من مجموعات اتخذت العنف سبيلاً.
بالتأكيد قامت وزارة الخارجية بالتواصل مع المسؤولين الإيرانيين لإيجاد حل لاستمرار تطاول هذه الفضائية على البحرين وشعب البحرين، والأكيد أن الحكومة هنا غير غافلة عن هذا الموضوع وترصد كل ما تقوم به هذه السوسة، ولكن من الواضح أن ناتج ذلك التواصل وهذا الرصد لايزال سالباً بدليل أن «العالم» لاتزال مستمرة في نهجها وفي تنفيذ الجزئية التي تخصها من الخطة التي لم تعد سراً وصار العالم كله يعرفها.
النتيجة السالبة للتحرك الهادف إلى وضع حد لتطاول هذه الفضائية على البحرين وغيرها من دول التعاون، وعلى الخصوص الشقيقة الكبرى، ينبغي أن تدفع نحو التفكير في التعامل بالمثل وذلك بإيجاد قناة بالفارسية توصل الحقيقة إلى بيوت الإيرانيين وتفضح الدور الذي تقوم به إيران والدور الذي تمارسه فضائياتها ضد مجمل البلاد العربية، وعلى الخصوص دول مجلس التعاون.
قرار مثل هذا لا يصنف في خانة العداء، فدول التعاون بطبيعتها مسالمة وليس من طبعها ولا من شيمتها رد الإساءة بالإساءة، لكن من حقها بالطبع مقارعة الحجة بالحجة، وكما إن إيران توصل ما تريد أن توصله إلى العالم العربي باللغة التي يفهمها؛ فإن من حق العالم العربي أن يوصل ما يريد أن يوصله إلى العالم الفارسي باللغة التي يفهمها.
ليس الهدف من مثل هذه الفضائية المقترحة إيجاد منصة لتوجيه الشتائم والسباب، كما تفعل إيران، التي اتخذت من فضائية «العالم» منصة لهذا الغرض، فليس هذا من أخلاقنا، وإنما الهدف منها هو توصيل الرأي الآخر إلى الشعب الإيراني الذي لا يصله هذا الرأي فيعتقد أن كل ما تبثه الفضائيات الإيرانية عن دول التعاون وما يجري فيها من أحداث هو الحقيقة الكاملة.
حسب معلوماتي فإن بعض الجامعات الخليجية بدأت تدرك –وإن كانت متأخرة- أهمية تعليم اللغة الفارسية لطلبتها كي يتمكنوا من فهم ومعرفة كيف يفكر الفرس، وهذا توجه صحيح ومهم، فمن دون تعلم اللغة الفارسية يصعب فهمهم وإفهامهم أن ما يصلهم من الإعلام الإيراني ليس إلا الجزء الذي يريد أن يوصله إليهم لكنه ليس الحقيقة.
إيران أدركت قبلنا بكثير أهمية توظيف الإعلام لتحقيق أهدافها، لكننا لم ندرك بعد أهمية الإعلام لدحض ادعاءاتها وتوصيل الحقيقة إلى مواطنيها.. والعالم.