لم تعد بيانات التنديد والاستنكار تكفى؛ فما يحدث في العراق بحق أهل السنة يفوق كل جمل الشجب وعبارات الاستنكار وكلمات الرفض الموجودة في قاموس الساسة.
مؤخراً؛ اتهمت «هيومن رايتس ووتش» مليشيات شيعية بارتكاب جرائم ضد السنة، وقالت في تقرير لها عن أوضاع حقوق الإنسان في العراق «إن انتهاكات المليشيات الشيعية المتحالفة مع قوات الأمن العراقية في المناطق السنية تصاعدت في الأشهر الأخيرة، فتم إجبار سكان هذه المناطق على ترك منازلهم وخطفهم وإعدامهم ميدانياً في بعض الحالات»، وأشارت إلى فرار حوالي 3000 شخص من منازلهم في منطقة المقدادية بمحافظة ديالى، وقيام قوات المليشيات والقوات الخاصة بقتل 72 مدنياً في بلدة بروانة الواقعة في المقدادية أيضاً.
فى الواقع ليس مهماً الآن أن تؤمن بأن الميليشيات الشيعية تمارس حرب إبادة ضد أهل السنة في العراق قبل أن تكمل المقال.
التقرير الذي صدر الاثنين الماضي ليس الأول، فقد سبق في أكتوبر من عام 2014 أن أدانت منظمة العفو الدولية ميليشيات شيعية في العراق وأعلنت بأنها تملك «أدلة» على أن «كتائب حزب الله» و»سرايا السلام» ارتكبت «عشرات» عمليات القتل بحق سنة، وهي تعتبر «إعدامات عشوائية»، واتهمت المنظمة الحكومة العراقية بدعم وتسليح مقاتلين شيعة يخطفون ويقتلون مدنيين سنة.
وفي منتصف شهر نوفمبر 2014 كشفت أيضاً منظمة العفو الدولية في تقرير تفاصيل أخرى مروعة للهجمات الطائفية التي تشنها المليشيات الحكومية في بغداد وسامراء وكركوك، وذكرت المنظمة «إن من أهم الملاحظات تحديد أهم وأكبر المليشيات التي ترتكب جرائم حرب، وعددها أربع، وهي؛ مليشيا منظمة بدر (زعيمها هادي العامري، عضو مجلس النواب العراقي)، جيش المهدي (زعيمها مقتدي الصدر)، وعصائب أهل الحق (زعيمها قيس الخزعلي وتسيطر عليها إيران وتعمل تحت رعاية الجنرال قاسم سليماني) وكتائب حزب الله (زعيمه النائب في البرلمان عباس المحمداوي) وتضم عشرات الآلاف من الشيعة، وهي تعمل بمباركة الحكومة وخارج أي مساءلة كونها خارج أطر القانون».
وليت الآمر يقف عند هذا الحد؛ بل كشفت منظمة العفو الدولية أن هناك أكثر من 50 ميليشيا شيعية مقاتلة إلى جانب القوات الحكومية في عدة مناطق من ديالى ومحافظات أخرى، قامت بقتل أكثر من 250 شخصاً واعتقلت عدداً من المدنيين، وجميعهم من أهل السنة، مبينةً أن الحكومة العراقية توافق على جرائم حرب وتغذي حلقة خطيرة للعنف الطائفي، وقال رئيس بعثة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي ستروان ستيفنسن «إن حملة الإبادة الجماعية جارية ضد السكان السنة في محافظة الأنبار مع هجمات شرسة بالبراميل المتفجرة على المدارس والمستشفيات في الفلوجة والرمادي وتخريب السدود».
كل هذا يحدث في العراق فيما العالم «المتحضر» فقد السمع وأصيب بالعمي وخرست جميع حواسه، لأن الضحية من أهل السنة..!!
ما أريد أن أستخلصه من هذا المقال أن الإرهاب ليس سنياً «داعش» وبالتأكيد ليس شيعياً «حزب الله»؛ بمعنى ليس حكراً على طائفة؛ بل هو حالة شيطانية تسكن أشراراً منحرفين ومجرمين ادعوا الدين ويرتكبون تحت شعاراته أشد الجرائم هولاً وقسوة وبشاعة، وماركة متجولة تنتقل من بلد إلى بلد، وهي رسالة موجه لكل من يرفع شعار «أخوان سنة وشيعة».
ألا تستحق دماء السنة في العراق ولو بيان إدانة واحد أسوة بحادث شارلي إيبدو؟
نعم؛ أقصد جمعية الوفاق ورئيس تحرير صحيفة «ولي الفقيه»، والذي أتخمنا بأسلوبه ومقالته عن الطائفية والتسامح، يكتب عن فرنسا ومالي وبلد الوقواق، أما الدماء التي تسيل في سوريا والعراق فلا كلمة ولا حرف!!
تلك عقول عبثية ولا معقولية، جدباء وغارقة فى الزيف، تتحدث عن الطائفية فيما هي غارقة حتى النخاع في الطائفية، وتذكروا مقولته الشهيرة: «نحن الباقون وأنتم الراحلون».
تذكروها جيداً وخلوها حلقه في آذانكم وإياكم أن تنسوه..