لماذا لا تتم ملاحقة الميليشيات الإرهابية في البحرين كما تتم ملاحقة فلول داعش؟ ألم يستخدموا نفس السلاح ويحرقوا رجال الأمن وهم أحياء؟ ألم يحاصروهم في الطرقات والأحياء؟ ألم يسكبوا عليهم البنزين ويرموهم بقنابل المولوتوف؟ ألم نشاهد تسجيلات جرائمهم؛ حيث تم استهداف رجال الأمن حرقاً في نقاط الحراسة؟ حيث استشهد عدد منهم حرقاً في مركباتهم.
إن جرائم الحرق التي تمارسها الميليشيات الوفاقية ليست اليوم أو بالأمس؛ بل منذ التسعينات، ونذكركم عندما تم إحراق 7 من عمال أحد المطاعم في سترة، كذلك بحادثة عابر السبيل الباكستاني، رياض شيخ، الذي قتل حرقاً حين استهدف الإرهابيون سيارته بقنبلة حارقة في عام 2009، كل هذه الجرائم الإرهابية لم تصل، بالنسبة للمجتمع الدولي، ليتم تصنيفها تحت بند الجرائم الإرهابية، ولم يعطها الإعلام المحلي حجمها؛ ولا نلوم الإعلام الأجنبي، إذ لم تتناول الدولة صاحبة القضية هذه الجريمة كحادث إرهابي مثل جريمة حرق الطيار الأردني «الكساسبة».
إن أفراد الميليشيات الإرهابية الوفاقية الذين يدافع عنهم محامو الجمعية ويسمونهم مناضلين وأبطالاً ويحاولون تبرئتهم من جرائمهم، هم ميليشيات إرهابية مثل داعش، فداعش تحارب من أجل إقامة «خلافة إسلامية»، وهذه الميليشيات تحارب لأجل إقامة دولة الولي الفقيه في البحرين، لذلك لا يجب انتظار رأي المجتمع الدولي الذي يتعامل بمكاييل ومقاييس مختلفة حسب مصالح ومنافع الدول الكبرى، إذ حين يكون الإرهاب في صالحها تسانده وتضفي عليه الشرعية وتصنفه بأنه حق من الحقوق السياسية يستحق دعم منظماتها الإنسانية والحقوقية، وقد يصل هذا الدعم إلى تدخل عسكري لصالح هذه الميليشيات، هذا المجتمع الدولي الظالم الذي يتجاهل في حربه على الإرهاب حزب الله الإرهابي وميليشيات الإرهاب الحوثي وميليشيا الإرهاب في البحرين.
إن المسؤول عن جريمة حرق رجال الأمن في البحرين بالدرجة الأولى هي جمعية «الوفاق»، فهي المحرضة على قتلهم، وهي من أجازت قتلهم، وها هي تقاريرهم وخطبهم تشهد على هذا التحريض والتأييد، فهم يؤيدون الميليشيات الإرهابية ويوكلون لأفرادها المحامين ويرفعون صورهم كأبطال ومناضلين، أي أنهم شركاء معهم في الجريمة، ومن يشترك في الجريمة فهو مجرم، فها هو التحالف الدولي يدك فلول داعش دون تمييز لأنهم جميعهم يحملون نفس الفكر.
وها هي الوفاق بنفسها تعترف بأن جريمة الحرق جريمة ضد الإنسانية وضد العرب والمسلمين، كما جاء في بيان إدانتها لمقتل الكساسبة، حيث قالت «إن الإرهاب لا دين له ولا هوية، وهو عداء للإنسانية جمعاء، وأنه مخالف لكل القيم الإنسانية والمبادئ الإسلامية ويشكل جريمة فادحة، وأنها جريمة ضد كل المسلمين وضد العرب والإنسانية بكاملها، وأنها تتضامن مع الشعب الأردني وذويه»، فلماذا إذاً لا تعامل الوفاق وميليشياتها كما تعامل داعش، أم أن حرق رجال الأمن في البحريني لن يخدم أجندة التحالف، وتصنيفه كإرهاب قد ينتهي معه حلم الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى أمريكا وحلفاؤها إلى تنفيذها، وها نحن نرى فصوله وحلقاته، وما يحدث في البحرين واليمن، وفوضى لا تنتهي في مصر، وقتال مستمر في سوريا، وإطلاق يد الميليشيات العراقية السورية اللبنانية اليمنية الإيرانية البحرينية في القتل، ونشر الفوضى والخراب، وتجاهل وسائل الإعلام عن جرائمهم، في الوقت الذي يسلط هذا الإعلام هجومه على أنظمة الدول العربية والخليجية ويحرض شعوبهم على تغيير أنظمة الحكم فيها، ثم يساعد ويساند الميليشيات الإرهابية بتولي الحكم عليها، مثلما حدث في العراق ويحدث في اليمن، وغداً قد يحدث في سوريا.
ولكن لا علينا اليوم من مجتمع دولي، إذا ما قامت الدولة نفسها بتسليط الضوء على الجرائم التي تنفذها الميليشيات الإرهابية، وهنا يجب على الدولة أن تسلط إعلامها المحلي والدولي وتتحدث بجرأة وصراحة عن هذه الجرائم وتعرضها في قنواتها الفضائية ووسائلها الإعلامية، وها هي اليوم أمام جريمة حرق الكساسبة، حيث يمكنها أن تسأل؛ ما الفرق بين حرق الكساسبة وحرق رجال الأمن في البحرين؟ فالنار تأكل أجسادهم وهم أحياء.
وعلى الدولة أن تسعى لمحاكمة الوفاق وكوادرها على جرائم قتل رجال الأمن، وعلى الدول الكبرى التي تشن حرباً على داعش أن تعلن الحرب على الحركات الإرهابية في اليمن والعراق ولبنان وسوريا، وأن تمتنع عن مساندة الإرهابيين في البحرين، فالبحرين شريك رئيس في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، لذلك يجب أولاً على هذا المجتمع أن يساند البحرين في القضاء على الإرهاب في أرضها ليس بجيوشه بل أن يلزم سكوته.