يدفع العامل الآسيوي 1200 دينار ليحصل على إقامة في البحرين لكفيله، فإذا كان عدد المقيمين إقامة غير شرعية من الجنسية البنغلاديشية فقط يبلغون 35 ألفاً كما صرح سفير بنغلاديش فكم يبلغ العدد الإجمالي للمخالفين من الجنسيات الأخرى من هندية وباكستانية وفلبينية وغيرهم؟ وكم يبلغ إذاً حجم «الأرباح» من تجارة البشر التي تسمى «فري فيزا»؟ إننا نتحدث عما يقارب 100 ألف إنسان أي ما يقارب 10% من إجمال السكان إننا نتحدث عن أعداد مهولة.
أحد «صغار» تجار البشر (الكفلاء) ويعد نموذجاً مصغراً من تجار الفري فيزا، كان موظفاً في مؤسسة حكومية يستلم راتب 500 دينار استقال وترك وظيفته واستخرج سجلاً تجارياً بعشرة عمال، جلبهم وسرحهم وجمع مبلغاً مالياً يعادل راتباً وقدره 500 دينار شهرياً، ثم استخرج سجلين لمحلين للحلاقة الرجالية يستلم من كل واحد منها 500 دينار شهرياً مؤجراً السجل والمحل على أشخاص آسيويين، وها هو جالس في البيت مدخوله الشهري 1500 دينار دون أدنى تعب أو جهد أو إنتاج يشكل إضافة للدخل القومي، لكنه ادخل للبحرين 14 أجنبياً جعلهم عالة عليها.
من يجلب هؤلاء البشر ولن أسميهم «عمالة» فهم لا يملكون من مقومات العمالة شيئاً، لا مهارات ولا مؤهلات ولا تدريب إنما يجلبهم و هو يعلم أنه يتاجر بهم كبشر، يستلم مبالغ مالية منهم كإتاوة إقامة، ثم يتركهم ليسرحوا في الطريق وعليهم أن يدبروا لأنفسهم سكناً وعملاً فيتكدسون في البيوت القديمة وسط الأحياء السكنية فتفيض بلاعاتهم، يتجنبون الذهاب للمراكز الصحية في حال مرضهم لخوفهم من مساءلتهم عن البطاقة السكانية، تنتشر المخدرات والدعارة بينهم وتنتشر الجريمة والانتحار في أوساطهم، مساكنهم بؤرة للأمراض والأوبئة يستهلكون قدراً كبيراً من الطاقة المدعومة ومن الأغذية المدعومة ينافسون منافسة غير شريفة أصحاب الأعمال الملتزمين بالقانون ويدفعون الرسوم وبقية الالتزامات القانونية، يحولون مبالغ كبيرة إلى خارج البحرين.
إن الأضرار الاقتصادية والأمنية والصحية من هذه الآفة لا تعد ولا تحصى ومن يرتكبها يرتكب جريمة كاملة الأركان في حق البحرين، و مع ذلك لا يحمل من يرتكبها أي مسؤولية أوالتزام مالي، كل ما عليه أن يبلغ السلطات عن هروب عماله و يخلي مسؤوليته، إلى أن يقبض على أحدهم ـ ونادراً ما يحدث ذلك- يطلب منه تسفيره بتذكرة لا تتعدى 150 ديناراً وكان الله غفوراً رحيماً.
الداخلية تقول ليست مشكلتي وحدي وهيئة تنظيم سوق العمل تقول لا أستطيع العمل وحدي فالمشكلة لها عدة أطراف وهيئات حكومية، ولا تستطيع الدولة القبض عليهم وتسفيرهم فتلك عملية مكلفة، ومركز الإيواء لايتسع إلى 300 شخص، وذلك ليس هو الحل لأن الباب لم يغلق لجلب غيرهم لابد أن يعاد إذاً النظر في التشريعات والعقوبات والغرامات والضمانات الخاصة بالإقامة وتراخيص العمل والسجلات، لا بد من إجراء تحقيق شامل للمشكلة يضع إصبعه على الحلقة المفقودة في تشكيل هذه الجريمة المنظمة، نأمل من مجلس النواب أن ينظر في المشكلة حتى نعرف إن كان الحل يتطلب تعديلات تشريعية أو يتطلب مساءلة للسلطة التنفيذية.
فلا يمكن السكوت وانتظار أن يفتح هذا الملف من قبل جهة أجنبية بدعوى حقوق الإنسان وبدعوى الاتجار بالبشر.