ما يدور في اليمن راهناً لا يخدم هذا البلد «السعيد»؛ فمهما كان الخلاف فإن تفاصيل ما حدث تقود صنعاء إلى طريق مجهول من الاضطرابات، ومعروف أن عدم الاستقرار في بلداننا العربية يخدم الاستراتيجيات الغربية والأمريكية على وجه الخصوص، ولكننا لا نريد أن نعي ذلك رغم العديد من الدروس.
ويفتح عدم الاستقرار الباب واسعاً أمام الجماعات الإرهابية والمجاميع الخارجة عن القانون، فهو بيئة مواتية لتطور هذه الجماعات، ومغذية للإرهاب، ومدخلاً مؤمناً للقوى الإقليمية والدولية لتمرير أجندتها التي تخدم مصالحها هي وليس مصالح شعوب الدول.
وليس خافياً التدخل الإيراني في الشأن اليمني؛ فطهران تبحث عن مدخل إلى شبه الجزيرة العربية من أجل الضغط على المملكة العربية السعودية، وقد أكدت ذلك صحيفة «غارديان» البريطانية نقلاً عن ناشط يمني في «الحراك الجنوبي»، والذي أشار إلى أن إيران تسعى لتكون قريبة من مضيق باب المندب في حال نشوب حرب مع الأمريكيين.
وقال إن «الكثير من شباب الحراك الجنوبي يغادرون اليمن بهدوء للتدرب في إيران ضمن أعداد صغيرة».
إن التحولات الكبرى التي شهدتها دول الربيع العربي تؤكد اختطاف دول إقليمية له لصالحها، ولن تستطيع طهران إنكار ذلك، فكل الدلائل تفضح الأمر.
الكثير من المؤشرات تؤكد أن الحرب قادمة لا محالة في اليمن، وأن الحرب في سوريا أدت دورها بأن تظل المنطقة مشتعلة. وكان تقرير صادر عن معهد المشروع الأمريكي توقع في يونيو الماضي أن تكون اليمن «ساحة حرب».
وقال التقرير -في وقته- إن «سياسة أوباما تعتمد في الوقت الراهن على التزام الرئيس هادي وحكومته في استراتيجية الحرب على الإرهاب لكن الصراع الحوثي يضع هادي في مأزق ملموس، فإذا لم يستطع هادي الوصول إلى تنازلات في القريب العاجل ستزداد وتيرة الاقتتال وستهدد هادي وحكومته وتحول الموارد العسكرية الضئيلة أصلاً في الحرب الدائرة على الإرهاب إلى الصراع مع الحوثي مما سيعطي القاعدة فرصة للتمدد والتوسع في الجنوب وتأسيس ملاذ آمن والتخطيط لضرب المصالح الأمريكية ولهذا السبب نرى أن استراتيجية أوباما في الركون على الحلفاء المحليين في مقارعة الجماعات الإرهابية رؤية هشة».
وبعد التطورات الراهنة التي شهدتها وتشهدها اليمن بالانقلاب الحوثي على السلطة وسيطرته على البلاد، فإن رؤية التقرير في طريقها لأن تكون واقعاً.
وينظر المراقبون الآن لما يمكن أن تحدثه عودة الرئيس عبدربه منصور هادي من أسر الحوثيين على خارطة الأوضاع في اليمن، فإذا وافق على سحب استقالته ربما تتمكن اليمن من العودة إلى الطريق الصحيح، في حال لم يصر الجنوبيون على الخروج من الوحدة وتكرار سيناريو السودان وجنوبه، والأفضل لهم الاستفادة من تلك التجربة وتجريب نظام الحكم الكونفيدرالي بدلاً عن الانفصال.