كنا من المستبشرين خيراً من أن تطبيق قانون المرور الجديد بعقوباته المغلظة سيكون رادعاً لبعض السائقين الذين يستهينون بعملية الالتزام بالقوانين، باعتبار أن العرف السائد هو الالتزام بالقوانين واللوائح، وأن الشاذ من القاعدة هو من يخالف وهو يعرف أنه مخالف.
لكن للأسف منذ تطبيق القانون شهدنا حادثين مروعين أوديا بحياة بشر، وحتى أمس الأول توفي اثنان من الأشقاء السعوديين -رحمهما الله- في حادث عنيف في منطقة الرفاع بينما أصيب شخصان في السيارة الأخرى بإصابات بليغة.
يؤسفنا القول اليوم بأن شوارعنا باتت مخيفة جداً، إذ إضافة لبعض العمليات (التي قلت نسبتها الآن) المعنية بقطع الشوارع عبر إطارات مشتعلة أو سكب الزيت على المسارات، نجد أن هناك سائقين يحولون الشوارع الرئيسة لشوارع موت عبر السياقة المستهترة وتجاوز سرعة الشوارع المقررة، ويضاف إليهم بعض الذين لا يحترمون الإشارات الضوئية، فلا توقف عند الإشارة الحمراء، ولا انتباه في الشارع للآخرين، وللأسف تكثر حالات تجاوز الإشارات في منطقة الرفاع، بحيث بات السائق على هذه الشوارع لا يثق بسلامة الشارع حتى لو كانت الإشارة أمامه خضراء اللون.
يحصل هذا في وقت مازال البعض يعبر عن استيائه من المخالفات المقررة في قانون المرور، متناسياً أن المبالغ النقدية التي تدفع كمخالفات لن تعيد أبداً من يموت بسبب استهتار السائقين.
هذه مسألة لا يجب الاستهانة بها ولا التقليل من تأثيرها، إذ لا يعقل أننا وفي بلد صغير حدود السرعة فيه لا تصل لسقف عالٍ، أن يوجد لدينا هذا الكم من الحوادث، والحوادث المميتة.
الوعي هو الحل في كل شيء، لكن أحياناً (وهي سمة متأصلة للأسف في مجتمعاتنا الخليجية) بأن الوعي يغيب دائماً، ولا نتذكر القوانين واللوائح إلا عندما ندرك بأننا سنعاقب إن لم نلتزم بها، لا نربط الحزام لأنه يحمينا من أي خطر اصطدام فجائي، لكننا نربطه حتى لا يخالفنا رجل المرور، لا نقطع الإشارة الحمراء لأن قطعنا لها يعني تهديد حياة الآخرين، لا نقطعها إلا لوجود كاميرا تصوير أو رجل مرور واقف.
مشكلتنا تكمن بأن التأثر بالمواقف محدود جداً، حينما نرى حادثاً عنيفاً ويعلن عن وفيات، نتأثر ونلتزم بالنظام لأننا لا نريد أن نكون في مكان المصابين، ولكننا سرعان ما ننسى ونعاود أسلوبنا الذي قد يكون كاسراً للقانون.
الوعي المجتمعي هو حل كثير من المشاكل المعنية بالممارسات، وهنا لماذا لا نتعلم بالأسلوب والطرائق السهلة، بدلاً من أن نتعلم بالطريقة الصعبة، التي فيها إراقة دماء وضرر جسدي يخلف ضرراً نفسياً لأسر بأكملها؟!