تغيرت العديد من التصورات والمفاهيم منذ بزوغ فجر الإسلام وانبلجت شمس الحق والعدالة، لتبدأ حقبة تشع بالكرامة والإنسانية، وتمتص هوية الظلم والكفر والطغيان. فقد أتى الإسلام وعادل موازين البشرية وكرم النفس وصانها، لاسيما المرأة، حيث عزز حقوقها وأبرز دورها التنموي في المجتمع، وبين عظم مكانتها، بعد أن كانت مضطهدة في ذلك الزمن بين الوأد في الصغر وخدش العرض في الكبر.
وعلى مر السنين والأزمان لم تنضب هذه النماذج المشرقة والبراقة بل إنها مازالت تتدفق كالنهر الجاري الذي يحمل في لبه الخير الزاخر بالعطاء الوافر. وقد رأينا كيف بدأت هذه المسيرة الممتدة منذ خلق أمنا حواء، والتي انطلقت بكل زهو وعنفوان مع نشأة عصر الإسلام، فكان لأم المؤمنين السيدة خديجة الأثر الإيجابي في دعوة رسول السلام محمد صلى الله عليه وسلم فكانت السند والمعين، والصاحب المؤنس الذي يرفع من روحه المعنوية ويقدم له يد العون. وكذلك هي أم المؤمنين السيدة عائشة التي واصلت مرحلة التربية بعد النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كانت تروي الأحاديث عنه، لتتواتر عبر الأزمان.
ومازالت مواقف المرأة مستمرة حتى الآن، فقد رأينا كيف لقلة من النسوة استطعن تحريك سفنٍ وأسطولٍ كاملٍ مجهزٍ بالأغذية والمعونات الإنسانية متجهين إلى مدينة غزة بأرض فلسطين، وذلك في قبل سنوات قلة. ولم يكن عمل تلك السيدات اللاتي بذلن قصارى جهدهن إلا من أجل تطبيق قوله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» رواه البخاري.
في المقابل، وعلى صعيد التنمية الاجتماعية والعمل المؤسسي والفكر الريادي المستنير، فإنه لابد من ذكر من ساهم في بروز هذه الأفكار واحتضن هذه الأدوار، وهي تلك المرأة الكريمة، صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، ورئيسة المجلس الأعلى للمرأة بمملكة البحرين، التي وهبت نفسها من أجل البناء الحضاري والنماء الفكري، حتى أنها شاركت في ترسيخ قواعد المشروع الإصلاحي الذي تبنته القيادة الحكيمة.
ولن تبقى الأدوار الإيجابية للمرأة عند هذا الحد، فلربما امرأة واحدة تصنع الحضارات وتبني الأمجاد وتشيد للفكر صروحاً من الرقي والازدهار.
شعلة
إن كانت المرأة تلد من الرجل، وتربيه، وتبر به، وتتزوج منه.. فهي ليست نصف المجتمع، بل هي كل المجتمع.