وزارة الداخلية تريد أن تتخلص من عبء رعاية مئات المراهقين الذين يقبض عليهم أثناء قيامهم بجرائم إرهابية أو أثناء قيامهم بجنح ومخالفات بتحريض من التنظيمات الإرهابية وإلقاء مسؤولية رعايتهم على أسرهم ومؤسسات الدولة الأخرى ومؤسسات المجتمع المدني وهذا مفهوم ومقدر لثقل العبء عليها.
في الوقت الذي تستمر فيه التنظيمات الإرهابية في عملها الدنيء باستغلالهم استغلالاً لا يختلف عن الاعتداء الجنسي عليهم أو لا يختلف عن تفخيخهم وإرسالهم لتنفجر العبوة فيهم وتقطعهم أشلاء.
الدولة إذاً مجتمعاً وحكومة في سباق مع التنظيمات الإرهابية على من يستقطب هؤلاء الأطفال أولاً، ومن يقرأ الكتاب الذي تحدثت عنه قبل أيام «طريق النحل» لرامي عليق يعرف كيف تعمل التنظيمات الإرهابية على استقطاب الأطفال وشحنهم وتحريضهم وتمويلهم وتمجيد أفعالهم إن هم كسروا القانون وتمردوا عليه استقطاباً ممنهجاً معداً ومدروساً، له قيادات تنظيمية هرمية مخصصة ومتفرغة لهذه العملية، يتحدث الكتاب عن الكيفية التي تتم تعبئتهم وإقناعهم زوراً بأنهم يسيرون على طريق الأئمة إن هم حملوا مولوتوفاً أو كسروا قانوناً، في الكتاب نعرف كيف يعمل الشخص المسؤول من قبل التنظيم على عزل الطفل عن أبويه أولاً ومن ثم عزله عن مربيه ومعلميه وإدارة مدرسته ثانياً وعن محيطه فلا يطيع أباً ولا يطيع مدرساً ولا يطيع كبيراً، يصبح هذا الطفل طينة يشكلها مسؤول التعبئة كيفما يشاء، فهل لنا قدرة تنظيمية على قطع الطريق على هذا الاستقطاب ونصل للطفل قبل أن يصلوا هم له؟
مسؤولو التعبئة الحزبية منتشرون في القرى في مدارسها في أحيائها وأزقتها في مساجدها ومآتمها يتلقون تعليماتهم من قيادات الأحزاب الإرهابية عن طريق وسائل الاتصال المتوفرة وبدورهم يتواصلون مع الأطفال مباشرة، فإن لم تكن الإجراءات الاحترازية التي تدعونا وزارة الداخلية لتحملها نيابة عنها على درجة من السرعة والتقدم وتساير عملية غسيل المخ اليومي الذي يجري لهؤلاء الأطفال فإن ما سيحدث هو إعادة توظيف هؤلاء الأطفال في أعمال إرهابية جديدة من اليوم الأول بعد إخلاء سبيلهم.
حزمة الإجراءات الاحترازية لابد أن تسبق حزمة التعبئة الحزبية وتفوقها تطوراً وتفوقها شمولاً، حزمة تضم تواصلاً مستمراً مع الأسر يضعها أمام مسؤوليتها وأمام عقوبات تترتب على الإهمال ترفع الغرامة وتنوعها، وتضم برامج تربط هؤلاء الأطفال ببدائل تحميهم من مسؤولي التعبئة الحزبية إن لم يلتزموا بها أعيدوا لمحابسهم، وتضم تفعيل الاستخبارات للقبض على مسؤولي التعبئة والممولين بدلاً من القبض على وقودهم، وتضم الاستعانة بخبرات سابقة في التعبئة الحزبية بحرينية وغير بحرينية فللتنظيمات التي تستقطبهم قيادات بعضها في البحرين وبعضها خارج البحرين، وتتضمن مراقبة مراكز ومواقع الشحن والتعبئة مراقبة لصيقة، وتتضمن قاعدة بيانات تفاعلية ترصد أثر هذه الحزمة من الاحترازات قبل إقرارها واستبدالها بدلاً من الحبس، تقيس مدى فاعليتها فإن وجدنا أن لها فاعلية إيجابية فلتقر ولتطبق، وإن وجدنا أنها غير فاعلة فلا نستعجل في إقرارها ونتورط في نصوصها.
الخلاصة أنه تحدٍ يستحق التجربة إنما لا بد من فترة تجريبية قبل إقرار أي إجراءات احترازية فليس الحل في أن تلقي الداخلية بالعبء عن كاهلها وتعرض أمن المجتمع للخطر من جديد، فهؤلاء وإن كانوا أطفالاً إلا أنهم وللأسف وقود للتنظيمات الإرهابية بإمكانهم أن يحدثوا خطراً كبيراً على المجتمع، إنهم كالأطفال المفخخين ما لم نكن قادرين على إنقاذهم وإنقاذ أنفسنا معهم فلا داعي لإنقاذهم وتعريض أنفسنا للخطر، خيار صعب خيار قاس لكنه يتعامل مع واقع مؤلم وقاس فرض علينا رغماً عنا.