هذا العنوان لا علاقة له بالبحرين، بل بدول ينظر إليها أنها متقدمة بمراحل عن الدول العربية في جوانب حقوق الإنسان والحريات المدنية.
البحرين حينما أسقطت الجنسية عن أشخاص متهمين في قضايا تمس أمن الدولة، وأشخاص محكومين وهاربين من العدالة، وأشخاص فارين إلى الخارج، مارست حقاً مشروعاً لها، تمارسه أي دولة أخرى. لكن الفارق بأن هناك من حاول أن يهيج المجتمع الدولي على البحرين وأن يطالب البلد بألا تفرض سيادتها وتحق حقاً من حقوقها.
سحب الجوازات وإسقاط الجنسيات والتلويح بحرمان الناس من حقوقهم المدنية يحصل اليوم أمامنا كمثال صارخ في دول متقدمة مثل أستراليا وفرنسا، وفعلته في السابق دول عديدة مثل بريطانيا وحتى الولايات المتحدة، والأخيرة لا تتورع لثانية عن وضع أي متهم بالإرهاب في سجن جوانتانامو.
أستراليا أعلنت على لسان رئيس وزرائها توني أبوت عن سحب الجنسية عن أي مواطن مرتبط بتنظيمات إرهابية، وقال أبوت بصريح العبارة في جملة يجب أن تدرس وألا تنسى، قال: «لا يمكننا أن نسمح لأشخاص سيئي النوايا باستغلال طبيعتنا المنفتحة على حسابنا». والجملة بحد ذاتها تشخص واقعاً عانينا منه في البحرين، حينما تم استغلال طبيعة النظام المنفتحة من قبل سيئي النوايا.
أبوت لم يكتف بذلك، بل أشار لحرمان المدانين بالإرهاب ومهددي الأمن القومي بحرمانهم من حقوقهم المدنية، وهذا ما كنا نقوله دائماً بأنه حينما تختل معادلة الحقوق والواجبات، بحيث يقصر المواطن في واجباته تجاه بلده ويتجاوز قانونها ويضرب الأعراف واللوائح بعرض الحائط ويتحول لمصدر تحريض أو أداة إرهاب وتخريب، حينها تسقط عنه حقوقه، فلا يجوز له أن يطالب بعدها بأي حق له، إذ كيف تحرق البلد وترهب أهلها وتأتي بعدها بكل «قوة عين» وتقول: «لي حقوق!».
فرنسا، وهي دولة عظمى أخرى، سحبت جوازات سفر وجنسيات ستة متهمين بالإرهاب، وقررت منع أكثر من 40 مواطناً من مغادرتها بسبب نيتهم الانضمام لتنظيمات إرهابية، وكل ذلك في إطار حماية المجتمع من أخطار هؤلاء، ولأجل تثبيت الأمن القومي.
تركيا وهي القوة الاقتصادية الجديدة الناهضة رحلت أكثر من 1400 شخص من أراضيها، أي بالمعنى الفصيح «طردتهم»، والتهمة هنا ليست الإرهاب المثبت عليهم، بل «احتمالية» ارتباطهم بالإرهاب، ما يعني أن الدول الواعية لا تمنح أي «فرصة للتنفس» لأي شخص يسيء للنظام والقانون، ويكون مهدداً للأمن القومي.
هكذا تفرض السيادة، وهكذا يتم تطبيق القانون، من يحترم القانون ويصونه ويقوم بواجباته تجاه مجتمعه، هذا من يجب أن تؤدى له حقوقه وتتحقق له مطالبه، وأن يعامل أفضل معاملة لأنه عنصر بناء ونهضة لبلده، لكن من يحرقها ويعيث فيها الفساد، ومن يحرض عليها وعلى نظامها وقوانينها ويشرخ صف مواطنيها، ويتطاول عليها باللفظ والفعل في الداخل والخارج، هذا لا يتم التعامل معه إلا بالقانون، وبتعامل صارم.
أمن واستقرار البلدان وشعوبها لا يجب أن يكون لعبة بأيدي العابثين، ولا يجب أن تكون الطبيعة المنفتحة لأي نظام مبرراً لأي شخص ليتطاول ويعبث ويحول البلد إلى غابة بلا قانون.