لم نسمع من أي جهة سياسية أو دينية أو مؤسسات مدنية ولا مجالس شعبية أي استنكار أو أدانة ولو بنصف سطر عما تعرضت وتتعرض له مدارس وزارة التربية والتعليم من اعتداءات إرهابية تعدت الأسوار حتى وصلت لداخل الصفوف، وها هي الإحصائيات والتقارير تبين الاستهداف للمدارس والتي لم تتوقف منذ المؤامرة الانقلابية. هذا الصرح التعليمي الذي لم شمل الجميع وفتح المجال للتعليم والبعثات والتوظيف على مصراعيه، إلى أن ظهرت نتيجة هذا الفتح وما أسفر عنه من تدهور الأمن داخل المدارس إبان تلك الفترة، وذلك حين قاد المعلمون والمعلمات المسيرات، وصارت الساحات مسرحاً للتجمعات والأعمال الإرهابية التي يقوم بها التلاميذ من جميع المراحل بتشجيع وتحريض من بعض أفراد الهيئة التعليمية، كما فتحوا لهم الأبواب وخرجوا إلى الشوارع يهتفون بإسقاط النظام، وكان قبلها ما قام به المعلمون حين كانت تقودهم نقابة المعلمين المسيسة بدءاً من حادثة «الشارات السود» وما تلتها من أحداث.
لم يقتصر الإرهاب داخل ساحات المدارس والفصول؛ بل وصل إلى الاعتداءات من خارج أسوار المدارس، حيث تقتحم الأبواب وتقذف الصفوف بقنابل المولوتوف، إنها اعتداءات موثقة ومسجلة، وقد شاهدناها بالصوت والصورة، ولكن مع الأسف الشديد لم يتحرك لسان ولم يخط قلم عنها، كما لم تتم إدانة هذه الأعمال الإرهابية من قبل أي جهة حقوقية في البحرين، ولا من جمعيات رجال وسيدات أعمال أو جمعيات مهنية ولا نواد رياضية، وكأن هذه الاعتداءات تحصل في كوكب ثان، إذ لو حدثت مثل هذه الاعتداءات الإرهابية في أي دول من دول العالم لتنادت المنظمات الحقوقية الدولية وطالبت بالتحقيق، ولأدانتها الحكومات الأجنبية والعربية، هذه الاعتداءات الإرهابية المتكررة التي صار سماعها لا يلفت النظر ولا تتناوله جريدة ولا وسيلة إعلامية ولا مواقع تواصل اجتماعية؛ إلا في تقرير بسيط لا يعقبه تحقيق ولا حتى تعليق.
الأمر تعدى الاعتداءات الإرهابية على المدارس ووصل إلى الهيئة التعليمية، حيث مشاركة بعض منتسبيها في المؤامرة الانقلابية علناً، كما أثبتت الحوادث السابقة قبل المؤامرة الفكر الطائفي الذي يحملونه والغل الذي يفيض من صدورهم، ليس على الوطن فحسب؛ بل طال حتى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونذكر هنا أحد الحوادث حين قامت إحدى المعلمات بتضمين سؤال في اختبار الدين «صح أو غلط» وهو «صلى عمر بثوب نجس»، وتطاول آخر على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه من قبل ملزمة مراجعة لأحد الامتحانات للصف الخامس الابتدائي، فهل هناك أكبر وأشنع وأخطر من هذا التطرف الفكري الذي استغل أصحابه وظيفتهم التربوية والتعليمية لنشر ثقافة معادية للدين والتأسيس لفكر طائفي ينتج عنه جيل يشكك في دينه وتاريخه، وذلك عندما يستهدف الطفل من سنوات دراسته الأولى، كي تثبت في ذاكرته هذه الأفكار الخبيثة.
إنها لمسؤولية على الجميع؛ مؤسسات وأفراداً، إدانة الاعتداءات الإرهابية المتكررة على المدارس، وتحويل أي معلم أو حتى تلميذ يشارك في عمل إرهابي داخل أو خارج المدرسة إلى القضاء، وها هي مدرسة أمريكية تفصل تلميذاً في الصف السابع لمجرد أنه صوب قلمه وكأنه يمسك بمسدس في حصة الرياضيات.
بات من الضروري والعاجل تطهير المؤسسة التعليمية، ليس الحكومية فقط بل والخاصة، من ذوي الأفكار الطائفية المتطرفة أياً كان نوعها ومصدرها، وأن تضاعف العقوبة على كل إرهابي يعتدي على المدارس حتى لو كان هذا الاعتداء ركلة بقدمه لباب الفصل أو بوابة المدرسة، وأن تعود بالبيئة التعليمية كما كانت عليه، وذلك عندما كان الطالب ينهل العلم على أيدي معلمين هدفهم الوحيد هو تأدية رسالتهم التربوية والتعليمية بكل أمانة، وهذا ليس بمستحيل تحقيقه، بل يمكن تحقيقه بكل سهولة عندما يكون الاختيار يرتكز على اختيار المعلم الذي يغرس في نفوس طلابه أن التعليم لخدمة الدين والوطن، لا لخدمة وتنفيذ أجندة سياسية لجماعة ما.
كما نقول لتلك الصحيفة التي تحاول النيل من وزارة التربية على الدوام من خلال أقلام صحفييها وكتابها، إن من حق الوزارة أن تحمي مؤسساتها التعليمية وأن تطور مناهجها باختيار الكفاءات، لأنه ليس كل من يحمل مؤهلاً جامعياً يصلح كمرب ومعلم، كما أن التخصصات العلمية المطلوبة لا يمكن شغلها بأشخاص يحملون مؤهلات أدبية، كما أن الاختبارات هي المقياس لأي عملية توظيف في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة، وكذلك هي جميع دول العالم تختار معلميها وأساتذتها ليس من الضروري من مواطنيها، وذلك حين تكون المؤسسة التعليمية هي النواة الرئيسة التي تشكل فكر وثقافة الأجيال القادمة التي تبني عليها الدول مستقبلها السياسي والحضاري.
من حق وزارة التربية والتعليم أن تركز على اختيار المعلمين ذوي القدرات والمهارات التربوية والعلمية، لأن ليس كل حامل مؤهل يصلح مربي ومعلم أجيال، وكما نتمنى من الجمعيات السياسية والدينية ومؤسسات المجتمع المدني ومختلف الشخصيات من رجال وسيدات أعمال ومجالس شعبية المطالبة بتغليظ عقوبة الإرهاب على المدارس وفصل كل فرد سواء كان معلماً أو طالباً يحرض على كراهية النظام والتطاول على الصحابة.