في ظل حرية التعبير التي يكفلها الدستور؛ أسأل هذا السؤال؛ «اشمعنى القضايا المرفوعة ضد الوفاق تتأخر؟!».
بادئ ذي بدئ أود أن أؤكد على احترامي للسلطة القضائية بما فيها النيابة العامة، واحترامي نابع من أمرين؛ أولهم أن على رأس هذا الجهاز يقف رجلاً محترماً لا تأخذه في الحق لومة لائم، يحترم استقلال القضاء كما يحترم حرية التعبير، ألا وهو الدكتور علي بن فضل البوعينيــن، أما ثاني الأمرين؛ فهو ثقتي النابعة من إيمان حقيقي بنزاهة السلطة القضائية، لكن اسمحوا لي هو مجرد سؤال.
في 17 فبراير 2015 أعلنت وزارة الداخلية عن تحريك دعوى قضائية لإحالة جمعية الوفاق للنيابة العامة بتهمة نشر عدد من التجاوزات تشكل جرائم جنائية يعاقب عليها القانون، وقالت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الإلكتروني «إن التهم المنسوبة إلى جمعية الوفاق هي التحريض على كراهية النظام، وبث أخبار كاذبة تضر بالسلم الأهلي، من جانبها؛ أدانت المعارضة البحرينية قرار سلطات المنامة إحالة جمعية الوفاق على النيابة العامة بذريعة التحريض على كراهية النظام».
من المهم أن أذكرك عزيزي القارئ الكريم أن ملف هذه الجمعية متضخم بالعديد من التجاوزات، والتي تصل لدرجة الجرائم الجنائية، لكن رغم ذلك استمرت هذه الجمعية في غيها دون خجل أو استحياء أو لمحة ندم أو خوف، وإمعاناً في مسار التحدي لدولة القانون نشرت الجمعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي المعروف بـ «التويتر» وفي تمام الساعة 12:35 من بعد منتصف ليلة السبت الماضي كلاماً يشكل إهانة لهيئة نظامية «وزارة الداخلية»، إذ قالت وبالحرف «ميليشيات مدنية تقتحم منزل الأمين العام للوفاق الآن عند منتصف الليل وتصعد فوق سطح المنزل والأسباب مجهولة»، طبعاً واضح من المقصود بـ «الميليشيات».
لا أخفيكم سراً لقد شعرت حينها وأنا أقرأ ما كُتب بألم وحزن وإهانة وطنية، أخفض الزفرات وأكفكف العبرات وأمسح أحزاني بكفي وحرفي على وطن كنت أراه قوياً، ربما رأيي ورأي كل مخلص وشريف لهذا الوطن أننا وضعنا أنفسنا في مأزق، وصنعنا لأنفسنا بأنفسنا مشكلات بصمتنا عن تجاوزات الوفاق طوال هذه المدة، حتى تحولت إلى مصائب سوداء، ليس فحسب لأننا لم نعالجها بالسرعة المناسبة؛ لكن لأننا تأخرنا في العلاج، وهو أسوأ وأشد جلباً للضرر الذي أحدثته هذه الجمعية في 2011.
في الدول المتقدمة إهانة أفراد منتسبين لهيئة نظامية يعتبر جرماً يحاسب عليه بقوة القانون في التو واللحظة، فما بالك إذا كانت الإهانة موجهة لرجال الشرطة، والذين ما فتئوا ومنذ أربع سنين -ليلاً ونهاراً- على مواجهة كل وسائل وأدوات الإرهاب التي تمارسها ميليشيات الوفاق ضدهم بصدور وأيادٍ عارية، ومن بينها القنابل محلية الصنع والمولوتوف وحتى الرصاص الحي.
تجاوزات الوفاق ليست الأولى من نوعها، والشكوى المرفوعة من الداخلية ضد الوفاق ليست الوحيدة، فمنذ 2011 وحتى اليوم والناس تشكوا وترجوا وتطلب بغلق «الوفاق»، وربما الذاكرة حاضرة وتتذكر العريضة الشعبية التي وقع عليها أكثر من 17 ألف مواطن من الطائفتين الكريمتين بالإضافة إلى المقيمين في ديسمبر 2012، وطالبوا فيها وزارة العدل بتطبيق قانون الجمعيات السياسية على جمعية الوفاق وأتباعها، وذلك بسبب الانتهاكات المتكررة التي تقوم جمعية الوفاق بارتكابها ضد المواطنين والمقيمين، ولكن وإلى اليوم ولا حس ولا خبر..
رغم أن القانون ينص على حل «الوفاق» وذلك موجب المادة 23 التي تنص على «يجوز لوزير العدل أن يطلب من المحكمة الكبرى الحكم بحل الجمعية وتصفية أموالها وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال وذلك إذا ارتكبت الجمعية مخالفة جسيمة لأحكام الدستور»، بل إن نص القانون نفسه فرض عقوبات تصل إلى الحبس بحق أعضاء الجمعية وبنصوص تصل إلى المؤبد، وأظن أن مستوى الجرم الذي ارتكبته الوفاق وأمينها العام طوال أربع سنوات يفوق حكم المؤبد.
هل من المجدي أن نذكر الدولة بالقانون؟ وهل ميليشيات الوفاق الإرهابية ستمهل الدولة حتى تتذكر؟
العلم عند الله، وحتى نعبر هذه الأيام السوداء، إن عبرناها بسلام، ليس لنا إلا أن نرجو الرحمن الرحيم رجاء أجدادنا الأثير في النوائب والملمات «يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف».