ثــــلاث حقائـــق أكدهــا وزيـــر الخارجية الأميركي جون كيري أخيراً من الطبيعي أن ترفضها إيران وتنفيها؛ الأولى اتهامه لها بزعزعة استقرار البحرين، والثانية أنها وراء الفوضى التي يعيشها اليمن اليوم، حيث دعمها للحوثيين يساعدهم في فرض سيطرتهم على اليمن ويبعد عن النجاح كل حوار بين اليمنيين، والثالثة أن الرئيس بشار الأسد ألعوبة في يدها. ولكن كما أنه من الطبيعي أن ترفض إيران هذه الحقائق وتنفيها فإنه من الطبيعي أيضاً أن يوافق عليها العالم كله لسبب بسيط هو أنها حقائق يراها الجميع رأي العين، فلولا إيران لما حدث كل هذا الذي يحدث اليوم في سوريا ويهدد بفناء الشعب العربي السوري الذي تدمرت دولته وآماله وأحلامه، ولولاها لما حدث كل هذا الذي يحدث في اليمن ويهدد بتغيير صفته من اليمن السعيد إلى اليمن البعيد تماماً عن السعادة حتى في أبسط صورها، ولولاها لانتهت مشكلتنا هنا في البحرين منذ زمن؛ بل لما دخلنا من الأساس في هذه المشكلة الغريبة على شعبنا المسالم والقنوع.
إيران إذاً هي السوسة التي تقف وراء كل هذه الفوضى التي تعيشها هذه الدول وغيرها كالعراق ولبنان اللتين تعانيان ما تعانيان منه بسبب وجود إيران فيهما، وأهدافها باتت واضحة للجميع؛ بل لم تعد هي نفسها قادرة على إخفائها. أما الحقيقة الرابعة التي فاتت كيري فهي أن إيران لن تسمح بمنعها من ممارسة هذا الدور «السوسي» وستواصل مشوارها حتى لو وصلت إلى حد أن تضع كل الشعب الإيراني الرافض لسياستها تحت خط الفقر، وهو ما بدأت تلوح تباشيره، فالمعلومات المتسربة من بيت الحكم هناك تفيد أن الخزينة الإيرانية تشكو بسبب انخفاض أسعار النفط وبسبب الأموال التي تصرفها إيران على أحلامها التي لن تتحقق أبداً، وأنها على شفا حفرة من الإفلاس.
جمد فعل إيران في اليمن تنتهي مشكلته، جمد فعلها في العراق تنتهي مشكلته، جمد فعلها في سوريا وفي لبنان وفي إيران نفسها تنتهي مشكلاتهم، والنتيجة نفسها تتحقق يوم أن تخرج البحرين من «دماغها» وتترك البحرينيين يحلون مشكلتهم بأنفسهم وبمعرفتهم.
المثير في أمر هذه الدول هو أن بها من تنطلي عليه لعبة إيران فيعتقد أنها المعين الذي سيوصله إلى حيث يتمكن من السلطة والثروة، والأكثر إثارة هو أن هؤلاء يعتقدون أن إيران تعينهم من أجل سواد عيونهم أو للإعلاء من شأن المذهب الذي ينتمون إليه، لكنهم لا ينتبهون إلى مرامي هذه الدولة ويتركون جانباً حتى ما يتوفر لديهم من معلومات عن الأطماع الفارسية في المنطقة ويستسلمون لأحلامهم.
ليست إيران هي من يمكنها أن تحل مشاكلنا لأنها هي سبب كل المشكلات. ابتعاد إيران عنا ومنعنا لها من التدخل في شؤوننا ورفضنا لما تقوم به وتحريضاتها يعني وصولنا إلى الباب الذي يفضي بنا إلى حل كل مشكلاتنا على اختلافها، وابتعاد إيران عنا ورفضنا لكل «عطاءاتها» نتيجته المنطقية عودتنا إلى مرحلة البناء والتفرغ للتنمية والإسهام في الحضارة الإنسانية.
من يقول بغير هذا إما أنه لا يدرك الحقائق ولم يقرأ التاريخ أو قرأه ولم يستفد منه، وإما أنه تعرض إلى عمليات غسيل المخ التي يمارسها الإعلام الإيراني عبر فضائياته الكثيرة وإذاعاته ومواقعه الإلكترونية، وإما أنه شريك معها أملاً في وصوله إلى السلطة.
أينما تجد فوضى فتش عن إيران، وأينما تجد عدم استقرار فتش عن إيران، وأينما تجد أمراً غير طبيعي فتش عن إيران، وأينما تجد أناساً يبيعون أوطانهم بسهولة ويدافعون بكل ما أوتوا من قوة عن إيران فتش عن إيران، فهي سبب كل المشكلات وعدم الاستقرار والفوضى في المنطقة.