قلناها ونعيد تكرارها، إن ركز البرلمان في تشكيلته الجديدة على تلمس هموم الناس ومختلف القطاعات وحاول أن يصل لهم ويعبر عنهم بقوة وواقعية، فإننا سنساندهم بكل قوة، إذ حينما يقوى البرلمان فإن صوت المواطن يكون أقوى، وحينما يعمل بشكل جاد وعلى النحو المطلوب، فإن المستفيد هو الوطن والمواطن.
من الأمور الإيجابية التي نراها أن البرلمان يسعى للوصول للناس وتلمس احتياجات كثير من الشرائح والقطاعات، وهذا وجدناه يوم الخميس الماضي، حينما عقد مجلس النواب منتدى برلمانياً رياضياً بهدف معرفة آراء الرياضيين وهمومهم ومشاكلهم، والأهم، ماذا يريد مجلس النواب أن يعبر عنه ويتحرك باتجاهه بشأن الرياضة في البحرين؟
قد يقول قائل هنا بأن الأولوية يجب أن تكون لهموم المواطن، والرياضة تأتي في مرتبة أقل في سلم الأولويات، وهذا القول صائب تماماً، لكننا نقول بأنه إيجابي أيضاً الوصول لكافة الشرائح وطرق باب كافة القطاعات، وفي هذا يستحق المجلس التقدير والشكر، بأمل أن تسفر هذه التحركات عن حراك نيابي فاعل يحرك كثيراً من الأمور الراكدة ويسهم في وضع حلول مفصلية للمشاكل.
قلت لرئيس مجلس النواب الأخ الفاضل أحمد الملا بأن الهم الرياضي أكثر تعقيداً من الهم السياسي في البلد، وذلك من واقع خبرة عملية لسنوات في العمل الصحافي الرياضي، وأعتقد بأن كلامي كان واضحاً من خلال المنتدى الذي شهد حضوراً رياضياً كبيراً ونقاشاً حامياً ساخناً، وتعبيراً فيه كثير من اللوعة عبر عنها الرياضيون، وسط مطالبات واضحة للنواب بأن يعملوا على تحسين الوضع الرياضي في البحرين ودعمه مالياً ومعنوياً من خلال التشريعات، إذ الرياضة تحولت في زمننا هذا بالإضافة لكونها استثماراً ودعماً لاقتصاديات الدول، تحولت إلى وسط حاضن للشباب والطاقات، يملأ وقتهم بالأمور الإيجابية التي بالضرورة تنعكس على الوطن بصورة حميدة من خلال التوجيه السليم لهذه الأجيال.
عدة ملاحظات أوردناها في الملتقى الذي نأمل أن يكون التعاطي مع مرئياته بشكل جاد وسريع، وشخصياً قلت بأن أول خطوة تكمن في تحديد موقع الرياضة من الإعراب بالنسبة للدولة، هل هي ضمن الأولويات أم أنها ترف؟ إذ إن كانت ترفاً فإن علينا ألا نتعب أنفسنا في رسم أحلام وعيش خيالات، إذ الوضع لن يتغير على الإطلاق، لكن إن كانت أولوية فإن العمل لأجل تعزيزها وتقويتها هو المطلوب والتطوير هو المحك.
الرياضة البحرينية بمنظوماتها المختلفة تحتاج إلى دعم وموازنات إضافية، توجه بشكل صحيح وفق تخطيط واستراتيجية موضوعة بشكل محكم، لكن هذه مشكلة بحد ذاتها إذ في ظل العجز المالي في الميزانية والمتوقع وصوله نهاية هذا العام إلى قرابة 7 مليارات دينار، يضاف له تدني سعر النفط، ومع وجود أولويات أكثر أهمية للبلد في شأن الملفات الأساسية التي تهم الناس في جانبهم المعيشي والخدماتي، يخشى ألا يكون للرياضة نصيب مؤثر في ذلك.
هذه المسألة بحد ذاتها تحد أمام النواب، فنعم، المسألة معنية بالتشريعات التي تنظم العمل الرياضي وتجعله مبنياً على أسس لكن الدعم مطلوب.
هناك من الشخصيات الرياضية الكريمة من عبر عن هموم ومؤرقات هي نتيجة لتراكمها عبر الزمن، لكن الفكرة هنا بأن سرد التاريخ واجتراره والاكتفاء به لا يفيد، بقدر ما يجب استخدامه لمعرفة أين يكمن الخلل، وما هي الحلول المطلوبة لإنهاء ذلك والبدء في طريق التصحيح.
لن أطيل هنا لكن أهم توصية تقدمت بها مكتوبة لمجلس النواب قلت فيها بأن إصلاح وضعنا الرياضي يتوجب علينا أن نسعى لتأسيس «عالم رياضي» قائم بذاته، وكأننا ننشئ دولة رياضية بكامل مقوماتها، لها موازناتها الخاصة، ولها استراتيجياتها المحكمة، ولها أجهزتها العاملة وفق تقسيماتها العديدة، كأندية واتحادات ومراكز وغيرها، على أن تعمل من دون معزل عن رقابة مجلس النواب ومتابعتهم ودعمهم.
أدرك أنه طموح متقدم، وقد تكون ملامحه صعبة التحقيق، لكن رغم ذلك نقول بأنه مع الرغبة الجادة والعمل المخلص لا شيء مستحيل.