شكلت وزارة الداخلية مشكورة على الفور لجنة تحقيق للنظر في الكيفية التي دخل فيها هاتف نقال إلى أماكن التوقيف واكتشفت الفاعل الذي ساعد في بث شريط مصور من داخل أماكن التوقيف لمحكوم بالإعدام في قضية قتل ثلاثة من رجال الأمن.
إنما تلك الجريمة (إدخال الهواتف) لم تكن سوى نقطة في بحر ما تحتاجه عملية إصلاح إدارة الإصلاح والتأهيل فما تحتاجه هو مراجعة كل أنظمة إدارة أماكن الحجز والتوقيف سواء سجن الحوض الجاف أو سجن جو مراجعة شاملة، إذ إن الظرف الذي سجل فيه المحكوم بالإعدام شريطه يدل على أن نظام المراقبة والحراسة نظام يسمح بوجود رجال أمن فاسدين يتجاوز عددهم من أدخل الهواتف النقالة، لقد كانت بيئة مريحة التي صور فيها تم تأمين المكان والزمان والفترة الزمنية له لأنه تحدث لمدة عشر دقائق وبصوت مرتفع لم يكن يلتفت فيها ولم يكن مستعجلاً ومسك له شخص الجهاز وآخر كتب له الورقة التي كان يقرأ منها فكيف دخلت هذه الورقة وكيف توفرت له كل تلك الظروف، وقد تكون مدة التسجيل أطول من الدقائق العشر وقد يكون أجرى بروفات وأعاد التسجيل وووو لجنة التحقيق إذاً في هذه الحادثة لا بد أن تتجاوز من أدخل الهاتف إلى الظروف التي سمحت له بالانفراد مع الممنوعات كل هذه المدة لنصل إلى الخلل الذي يسمح بدخول المخدرات ويسمح بدخول الممنوعات كالهواتف ويسمح بانفراد المساجين لفترة طويلة بلا رقابة ويسمح بهروب المساجين ويسمح بالاعتداءات داخل السجن.
نطالب بالمراجعة الشاملة لهذه الإدارة كنظام وكتدابير وكإداريين وكمنشآت إذ من غير المعقول أن يهدد وضع مخلخل في أحد إدارات الوزارة الإنجازات التي تحققها الإدارات الأخرى بل ويضع عليها عبئاً جديداً لا تحتاجه في هذا الوقت بالتحديد.
هذا من ناحية.. من ناحية أخرى كان بالإمكان الاستفادة من فحوى الشريط والمادة المسجلة عليه ففيها دليل إدانة كبير ويجب الاستفادة منه لا بالوقوف عند تفنيد ادعاءات التعذيب التي وردت فيه فحسب، وكأن حكم الإدانة استند إلى «الاعترافات» ولم يستند إلى الدلائل والقرائن والإثباتات ومحاضر التحريات واستجواب الشهود وووو كان من الأجدى الاهتمام إلى جانب إثبات كذب ادعاءات التعذيب أن نهتم بالخطاب المسجل بالإثباتات التي حفل بها هذا التسجيل بالاعتراف الواضح والصريح بأن من يتحرك في الشارع الآن ينطلق من دوافع دينية هذا ما كذبته الجمعيات السياسية وأنكرته وحاولت التعتيم عليه، ها نحن أمام شخص يتحدث عن الحرب الدينية التي يخوضها بأمر من الله إنه يتحدث صراحة عن «الجهاد» في مواجهة دولة الظلم والجور الدولة التي صرفت على تدريسه فقط دون حساب تكلفة رعايته الصحية ودون حساب تكلفة غذائه المدعوم ودون حساب تكلفة فرصة العمل التي وفرت له صرفت على تعليمه فقط 100 ألف دينار لم يدفع لا هو ولا والده فلساً واحداً منها إلى أن تخرج حاملاً شهادة البكالوريوس ومع ذلك هو مقتنع أنه يحارب دولة ظالمة علمته ورعته صحياً ووفرت له فرص عمل ولم تميزه ظلماً ولم تمنع عنه الفرص وساوته بأي مواطن من أي ملة أو دين أو مذهب آخر.. ألا ما أقساها من دولة!!
نحن بحاجة إلى نشر مثل هذه الاعترافات والإثباتات التي تكشف غطاء التقية وتضع هذا الفكر وجها لوجه معنا وتعلن عن حقيقة الصراع نحن بحاجة إلى نشر وعرض وتفنيد هذا الفكر (الداعشي) الذي يحارب الدولة والمجتمع حرباً دينية بأمر من الله فلم يذكر فيها كلمة إصلاحات أو ديمقراطية ولا مرة واحدة أو يرفض مقتل رجال الأمن حتى على الأقل من حيث المبدأ.. إنه اعتراف يقال فيه الكثير ويفتح باب النقاش مع حملة هذه الراية ويفضح ادعاءاتها بل ويشرع دور رجال الأمن في المحافظة على المجتمع من هذا الفكر وهذه الحرب الدينية.. أهملنا هذا كله وانشغلنا فقط في تفنيد ادعاءات التعذيب.