نشر صورة لطفل دون سن البلوغ في مواقع التواصل الاجتماعي وإرفاقها بكلمة «اعتقال»؛ القصد منه إضافة إلى الاستعطاف والمظلومية، القول إن الحكومة تعادي الطفولة وإنها لا تفرق بين طفل وراشد، فـ»تعتقل» و»تسجن» الأطفال من دون أي اعتبار لأعمارهم. «المعارضة» تعتبر موضوعاً كهذا فرصة للإساءة إلى الحكومة، لكنها لا تنتبه إلى أن من يشاهد تلك الصورة يتساءل على الفور عن سبب استغلال الأطفال بهذا الشكل البشع من قبلها وعن سبب دفعهم إلى الشوارع لممارسة أعمال التخريب والدخول في مساحة لا علاقة لهم بها.
ما يقوم به هؤلاء استغلال للطفولة وإساءة واضحة لها، فلا يمكن النظر إلى النتيجة وإهمال السبب، أي أنه لولا أن البعض استغل ذلك الطفل وسمح له بالدخول في ممارسة لا يفهمها، ولولا أن ذويه غضوا الطرف عن الذي يقوم به وربما شاركوا في تحريضه لما صار الطفل في هذا الموقف ولما مر في تجربة بعيدة عن أجواء الطفولة.
من المهم أيضاً تصحيح الكلام؛ حيث الطفل لا يعتقل ولكن يحتجز ولا يسجن، ولكن يتم توقيفه للنظر في كيفية إخراجه من المشكلة التي أوقعه ذلك البعض فيها، أي لإصلاحه وليس لمعاقبته. استخدام كلمات اعتقال وسجن وغيرها من مفردات ثقيلة من قبل «المعارضة» هو بغرض الإثارة وللإساءة إلى الحكومة وإلى وزارة الداخلية بشكل خاص، لكن الحقيقة تختلف، فليس هناك اعتقال وليس هناك سجن. هناك طفل تم توريطه والإساءة إلى مستقبله من قبل أناس يحرصون على عدم توريط أبنائهم في مثل هذه الأمور فلا يسمحون لهم حتى بالوقوف عند باب البيت للمشاهدة، والدليل أننا لم نسمع طوال السنوات الـ4 الماضية عن أحد أطفال قادة «المعارضة» أو أقربائهم من الدرجة الأولى أو حتى الثانية قد تعرض إلى ما يتعرض له أطفال الآخرين الذين يتم استغلالهم والمتاجرة فيهم.
نشر صور الأطفال الذين يتم احتجازهم بسبب تورطهم في أفعال لا تتناسب وأعمارهم يسيء إلى «المعارضة» وليس إلى الحكومة، وكما أن العالم يهتم بمعرفة السبب قبل النتيجة كذلك يقول إن هناك قانوناً وإن من يتجاوزه لابد أن يحاسب، والعالم يقول إن دفع الطفل إلى الشارع ليرمي حجراً على الآخرين أمر مسيء للطفولة واعتداء صارخ عليها.
من تابع الصور المنشورة على «التويتر» في اليومين الماضيين لواحد من أولئك الأطفال لابد أنه لاحظ أن إحداها تبين أنه على وشك البلوغ أو أنه بلغ فشنبه قد خط، بينما تظهره أخرى صغيراً لا يتجاوز التاسعة، ونشر الصورة الأخيرة هذه هدفها واضح بالطبع. هذا التناقض في النشر سببه الارتباك الذي انتاب البعض الذي اعتبر الخبر فرصة ذهبية للإساءة إلى الحكومة. ربما يتبين بعد قليل أن الصورة الأخرى أيضاً قديمة وأن الطفل لم يكن طفلاً عندما تم احتجازه.
من واجب الدولة أن تحمي الطفولة من مستغليها وتحمي الأطفال من أولئك الذين اعتبروا كل ما هو دون تحقيقهم لأهدافهم قابلاً للتفريط فيه، ومن واجب أولياء الأمور ألا يسمحوا أن يكون أطفالهم مادة للاستغلال ووقوداً للنار التي لن يحترق بها إلا هم، ومن واجب كل عاقل أن يرفع صوته عالياً ويرفض هذا الاستغلال البشع للطفولة، وبالتأكيد ينبغي من المنظمات الحقوقية التي آلت على نفسها الوقوف مع ذلك البعض مظلوماً وظالماً أن تراجع نفسها وتنظر أيضاً إلى حقوق الطفولة وترفض هذا الذي تمارسه «المعارضة» ضد الأطفال.
محاسبة الأطفال مسألة يحددها القانون، القصد منها هو إعادتهم إلى طفولتهم وليس معاقبتهم لأنهم ليسوا إلا ضحية فكر ذلك البعض الذي لا تهمه الطفولة ولا أبو الطفولة.