قد تتقاذفنا الأمواج وتتوه بنا في متاهات وقد تطيح بنا، ولكن من المستحيل أن تغرقنا، يستحيل أن تنجح الجوقة الوفاقية في تفريقنا، ففي كل يوم وليلة تسعي ميليشياتها وتحاول وتقرأ الفاتحة على الوطن، لكنها طوال السنين الأربع التي مضت لم تنجح، ومازال الوطن حي يرزق لن يموت، وستظل اللحمة الوطنية ركناً من أركانه ولن ينال منا المحرضون والطائفيون.
الأسبوع الماضي، وتحديداً يوم الأربعاء، أعطى الدكتور عبدالله المقابي والأخ علي بحر درساً بليغاً لكل الطائفيين وسلوكاً وطنياً في التضحية والاعتدال والتآخي وتضميد جراح الوطن، وخير دليل على أن الوفاق، طوال الأربع سنوات، لم تنجح في نثر بذور الفتنة بيننا، أو لعله رسالة بشكل خاص إلى أخوانهم السنة، على أن الوفاق لا تمثل الشيعة، وأخرى إلى عموم البحرينيين مفادها أن على كل منا أن يتحمل مسؤولية التصدي للأفكار الطائفية المتعصبة التي تتفاقم يوماً عن يوم وتزيده انتشاراً وتغولاً في مجتمعنا بفعل العقول البالية الحاضنة للفكر الداعشي الظلامي أو الصفوي ذات النفس الاستئصالي والاجتثاثي الذي بدأت بذرته عبر الوفاق في البحرين، وحزب الله في لبنان، وميليشيات بدر في العراق.. فشكراً للدكتور المقابي.. شكراً للأخ علي بحر..
لقد أنفقت الوفاق وقتاً طويلاً في نشر الفتن بيننا، مستغلة في ذلك إعلامها وصحيفتها ومنابر المساجد التي تتوارى وراءها الأيديولوجيات الثيوقراطية بطابعها المتطرف، لكي تكسب نفسها الشرعية في البقاء (بصفتها الناطق الرسمي باسم الشيعة في البحرين والمدافع عن حقوقهم)، وقد جاء الدكتور المقابي والأخ علي بحر لينسفا كل ما عملت الوفاق على تحقيقه طوال هذه السنوات، وهو ما أثار غضب الوفاق، فأوعزت لميليشيات «التويتر» التي تمولها لشن حرب شتم منحطة ضد المقابي تحديداً بصفته رجل دين معمعم، استخدم فيها فيض القذارة اللفظية والأخلاقية، ولا غرابة فتلك الوجوه المقرفة والمشمئزة وبياعي الوطن لا تجد غضاضة، بل لا يهتز لها رمش عين وهي تستخدم تلك الألفاظ وتهاجم كل من يكشف مخططاتهم الإرهابية أو يعري حقيقتهم أو يتجاسر ويكتب وينتقد إيران، التي يدينون له بالولاء أكثر من ولائهم لأوطانهم.
قد يكذب الأفاقون الوفاقيون كما يحلو لهم، لكن هذا لا يغير شيئاً من الحقيقة التي «تخزق» العين، إن الوفاقيين وتابعيهم خدامون تحت الطلب عند الولي الفقيه.
نعم مازلنا حتى الساعة نتعثر في تنظيف الوطن من ركام الطائفية التي خلفتها الوفاق، لكن آن لنا أن ندرك أن نهضة هذا الوطن وتطوره وازدهاره لن تتحقق إلا إذا آمنا جميعاً بمبدأ المشاركة لا المغالبة، كما آن لإخواننا الشيعة أن يتعلموا كيفية تحرير عقولهم من عبودية شيوخ العمامة المتأزمين والطائفيين، الخارجين من تحت عبائة المرشد الإيراني، وأن يعوا ويفهموا أن الصراع برمته في الأساس، ومنذ اللحظة الأولى، كان سياسياً، والوفاق عمدت إلى تحويله لصراع طائفي، وسيناريو مطابق للسيناريو العراقي وفق الأجندة الخارجية، ولكن من فرط غبائها وجهلها العميق تناست، وهي تقص وتلصق وتستنسخ السيناريو العراقي، أن الأرث التاريخي من التعايش السلمي بين المكونين الرئيسيين، والذي توارثناه -شيعة وسنة- أباً عن جد، أقوى من مخططهم وأجندتهم الخارجية ولا يمكن الرهان عليه.
يجب أن ندرك جميعاً بأننا شعب واحد لا يحتمل الفرقة والانقسام، وعلينا أن نعي أن الأخطار والتحديات التي تحيط بنا، في ظل التطورات التي تمر بها المنطقة وانعكاساتها المباشرة على أمننا الوطني ومقدرات ومكتسبات شعبنا كثيرة، الأمر الذي يستوجب الحرص على عدم إتاحة الفرصة لمن يريد تعكير صفو وحدتنا والمساس بأمننا، لذلك علينا أن نسرع جميعاً إلى لملمة أشلاء الوطن ولحمها الذي بعثرها الخونة في الطرقات وعلى رفوف الأرصفة.
هذا ما يستحق أن نعيش لأجله، ونحارب في سبيله، لكي تبقى البحرين وطناً للجميع، للسنة والشيعة معاً..