كيف نعرف بأن هذه الخدمة جيدة وأن تلك سيئة؟!
الإجابة وبكل بساطة تتمثل بالمستفيد منها، وكيف يكون انطباعه أو رأيه، إما أن يكون راضياً، أو يكون على العكس مستاء. وحينما يكون هناك استياء، لابد من التقدم بالشكوى حتى يتم البت في سببها ومحاولة تحسين الخدمة بالتالي تقديم المنتج بأعلى معايير الجودة التي تحوز على رضا المستفيد.
بنفس هذا المنطق أو وفق هذه المعادلة المعمول بها في عالم البيع والشراء والتجارة، يجب أن تعمل الأجهزة الحكومية وتحديداً الخدماتية.
وحينما نتحدث اليوم عن جودة الخدمات، فإننا نجد كماً كبيراً من الشكاوى صادرة من المواطنين، ما يعني أن هناك خللاً ما، وأن بعض الشكاوى تتكرر بنفس المضامين، ما يعني أن الخلل مازال قائماً ولا يتصلح. وحينما نتساءل لماذا لم يتصلح الخلل رغم كثرة الشكاوى وتكرارها، هنا قد نجد الإجابة الغالبة تكمن في أن من توجه لهم الشكاوى يعملون بأسلوب «لا نسمع، لا نرى ولا نتكلم».
في البحرين القياس لدينا سهل جداً، إذ نعلم تماماً أن المواطن لديه موجة «إرسال» قوية، في حين إن كثيراً من المسؤولين في كثير من القطاعات استقبالهم «ضعيف»، وأحياناً «خارج منطقة التغطية» أو يكون الخط «مقطوعاً».
لذا نجد أن كثيراً من مطالبات الناس تصب في خانة ضرورة استماع المسؤولين لشكاواهم، ولوجوب أن يتعاطوا معها، وهي المسألة التي كررناها في الصحافة عشرات من المرات، باعتبار الصحف معها بعض وسائل الإعلام الرسمية تنشر شكاوى الناس محاولة إيصالها لمن يعنيه الأمر.
حتى رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله يعتبر أكثر شخص مسؤول متفاعل مع هذا الموضوع، وهو يكرر دعواته دائماً لمسؤولي الدولة من وزراء وغيرهم بأن ينزلوا للناس ويفتحوا أبوابهم ويستمعوا لهم، ويؤكد سموه دائماً على ما نقوله نحن كصحافة ونكتبه في هذا الاتجاه، لدرجة أوصلتنا لقناعة بأن خليفة بن سلمان «واحد منا» نحن أهل الصحافة، لصيق بنا وبعملنا ومؤمن تماماً برسالته ودوره.
وهذا ما أكده مؤخراً بدعمه الشخصي لدور الصحافة الرقابي على الخدمات للتأكد من أنها تسير في الطريق الصحيح لخدمة المواطن.
والنقطة الأهم هنا، والتي هي سبب هذه السطور، مرتبطة بشكاوى الناس ودعوة سمو رئيس الوزراء لوزراء الدولة لتفعيل أقسام الشكاوى بالوزارات خدمة للمواطن، والحق يقال هنا بأن كثيراً من هذه اللجان موجودة لكنها لا تفعل، بل هناك لجان شكاوى في الوزارات لموظفيها ولا كأنها موجودة، وبعضها تشكل وللأسف من المسؤولين أنفسهم الذين تأتي بحقهم الشكاوى، ما يعني أن الموظف يضيع بالضرورة أمام «الخصم» الذي هو نفسه «القاضي».
عموماً، لجان الشكاوى يجب أن تفعل في الوزارات، ويجب أن يحترم صوت كل مواطن لديه شكوى أو استياء من خدمة لم تقدم بصورة صحيحة، أو معاملة لم تتم بطريقة طيبة، أو باب مسؤول يغلق ولا يمكن فتحه.
فعلوا هذه اللجان كما قال سمو رئيس الوزراء، فعلوها بصورتها الصحيحة واستمعوا لصوت الناس، فالمواطن من حقه أن يشتكي، حينما يرى الأمور المعنية به تسير بصورة معكوسة، ويرى الخدمة التي يريدها تقدم له بشكل سيئ، أو لا تقدم أبداً.
لو استمعنا لشكوى كل مواطن بجدية، ودققنا فيها، وأنصفنا من معه الحق، لما وجدنا بأن أبرز سمات المواطن أصبحت «التذمر والاستياء»؛ إذ لكل فعل رد فعل بالضرورة.