لم لا؟ نحن بحاجة بالفعل إلى فهم واستيعاب وتفكيك وتحليل فكر بعض الاتجاهات الفقهية الشيعية بشكل علمي رصين، بحاجة لتفكيك هذا الفكر وفهمه ومحاورته ومناقشته في الجزئية الخاصة بعلاقة المؤمن بهذا الفكر مع الدولة ومع الآخر.
بل إن هذه دعوة ضرورية لأنها لا تمس الخصوصية الدينية للطائفة الشيعية لكنها أصبحت تمس أمن وسلامة المجتمع والدولة.
لم يعد خافياً أن الدولة تواجه فكراً دينياً شيعياً متطرفاً يناصبها العداء بفتاوى دينية تدعو لجهاد المؤمنين ضد دولة «الجور والظلم»، بفتاوى تخطف شباباً بحرينياً من حضن آبائهم وأمهاتهم وتجيرهم لخدمة أجندتهم عن بعد، عبر الفضائيات وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، والدولة تقف بعيداً لا تقترب من هذا الخط حرصاً منها على عدم المساس بالخصوصية المذهبية، لكنها اتخذت موقفاً سلبياً أضر بأمنها وبأمن الطائفة الشيعية برمتها.
نحن أمام فكر ديني يتبناه رجال دين ومراجع فقهية كبيرة يخلط عسل دعاوى الإصلاح والمطالبة بالحقوق بسم مناصبة العداء للدولة التي لا تخضع للولي الفقيه فيجعل من يتجرعه لا يرى حسناً ولا يرى خيراً ولا يقيس الأمور بموضوعية ولا يعرف المقارنة ولا القياس، فقه يستلب العقل ويجند الجسد فيتحول الإنسان إلى آلة طيعة لخدمة أجندات غير وطنية دون وعي ودون إدراك.
نحن بحاجة إلى أن نفهم ما الذي يجعل من دولة تمنح راتباً لمعلم لا يزيد عن 76 ديناراً أكثر عدلاً من دولة تمنح راتباً يزيد عن 760 ديناراً؟ ويجعل من دولة سعر كيلو اللحم البقري فيها خمسة دنانير أكثر عدلاً من دولة سعر اللحم البقري فيها دينار؟!!
أوجه الاعتراض وأوجه الاحتجاج وأوجه المطالبات الحقوقية وأسبابها بحاجة إلى تفكيك وسلها سلاً كالشعرة من العجين من بين طوفان الفتاوى الدينية التي تتخذ هذه المطالبات المشروعة قميصاً ترفعه للضحك به على هؤلاء المغرر بهم فيصل أحدهم إلى أن يصبح مدرساً أو طبيباً أو رئيساً لتحرير صحيفة ويتمتع بكافة حقوقه الصحية والتعليمية والسكنية والترفيهية، أبناؤهم في مدارس خاصة أجنبية، ويتمتع بكافة امتيازات المواطنة وله أن يشكل حزبه السياسي وله أن يدخل الانتخابات ومازال يرى نفسه مظلوماً ومضطهداً ويمارس التمييز الطائفي ضده!!
تعالوا واسمعوا وافهموا، تعالوا وناقشوا وبينوا، قارنوا بالرقم وبالمعلومة الصحيحة بين أوضاع المواطن في دولة ترونها دولة جور وظلم وحقوقه وامتيازاته وأوضاع المواطن في دولة ترونها دولة عدل وإنصاف وحقوقه وامتيازاته مقارنة تأخذ في الاعتبار موارد الدولتين.
الدولة بحاجة فعلاً أن تدعو إلى تفكيك هذا الفكر ومناقشته مناقشة علمية رصينة بعيداً عن التجريح والاستخفاف، مناقشة مع علمائه ومفكريه ومثقفيه وإعلامييه وسياسييه، حقاً نريد أن نفهم.