لعل من أهم وأبرز ما ينبغي التصدي له ومعالجته بطريقة واقعية وجذرية في هذه المرحلة وفي قادم الأيام، هو القضاء المبرم على أزمة العمالة السائبة، وكل ما يتعلق بها كمساكن العزاب والعمل غير المشروع وغيرها من القضايا التي باتت تؤرق الوطن والمواطنين.
ذكرنا قبل أعوام وفي أكثر من مقال، أهمية القضاء على ظاهرة العمالة السائبة «فري فيزا» في البحرين وفي كل دول الخليج العربي، وهي الظاهرة التي لا شك أصبحت تهدد الوضع الاقتصادي لدول وشعوب مجلس التعاون الخليجي، وتهدد النسيج الاجتماعي لكافة المجتمعات الخليجية.
فأعداد العمالة السائبة وصلت إلى الحلقوم، بينما هناك مليارات الدولارات ترحل كل شهر بصيغة «حوالات» وغيرها خارج المنظومة الاقتصادية الخليجية، دون أن تستفيد دولنا «فلساً أحمر» منها، هذا ناهيك عن الجرائم الاجتماعية التي أصبحت تشكل خطراً جدياً لكافة المجتمعات الخليجية، خصوصاً فيما يتعلق بظواهر الاعتداءات والسرقات وجرائم القتل وتبييض الأموال وغيرها من الجرائم الاجتماعية والاقتصادية، والتي بات من الواجب على المنامة وغيرها من عواصم الخليج العربي الوقوف بحزم في وجهها والتصدي لها.
قبل أيام فقط وجه صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء بمعالجة بعض الظواهر السلبية المرتبطة بالعمالة السائبة، وكلف سموه لجنة وزارية مشتركة لهذا الغرض برئاسة وزير العمل وتضم ممثلين عن وزارة الداخلية ووزارة الأشغال ووزارة شؤون البلديات والتخطيط العمراني ووزارة الصناعة والتجارة ووزارة التنمية الاجتماعية وهيئة تنظيم سوق العمل، وذلك من خلال الآتي:
أولاً؛ إصدار وتفعيل القرارات التي تنظم سكن العمالة وبخاصة العزاب منهم في الأحياء السكنية المأهولة لتجنب أية آثار اجتماعية سلبية وذلك بزيادة فاعلية الإجراءات للحد من ظاهرة العمالة غير النظامية وتنظيم المسائل المتعلقة بمساكنهم بما يتواءم مع النواحي الاجتماعية.
ثانياً؛ مراقبة السجلات التجارية ونشاطاتها لاستبعاد السجلات غير النشطة منها للحيلولة دون استغلال هذه السجلات التجارية كستار من أجل استقدام عمالة لغير ذات أغراضها وتركها سائبة في سوق العمل وزيادة الحملات التفتيشية على السجلات وعلى العمالة ذاتها.
ثالثاً؛ القضاء على بعض الممارسات السلبية التي تقوم بها العمالة السائبة في بعض الأحياء السكنية التي تؤثر على الصحة العامة والمنظر الحضاري وترسخ مهناً وممارسات وعادات دخيلة تتنافى مع طبيعة وأعراف المجتمع البحريني.
رابعاً؛ تشديد الرقابة على الباعة الجائلين من العمالة السائبة والتأكد من أن يكون ممارسة مثل هذا النشاط متوافقاً مع الضوابط والأنظمة المعمول بها.
خامساً، وضع حد لسوء استغلال رخص الصيد البحري وبخاصة تأجيرها على العمالة السائبة حفاظاً على أرزاق المواطنين والموارد البحرية.
حتى هذه اللحظة يفترض أن تتدحرج كرة «السائبة» إلى ملعب النواب للوقوف على هذه القضية الوطنية لمعالجتها بكل صرامة، وعدم التهاون بها أو مجاملة أي من أطراف التلاعب بهذه الورقة القاتلة، والتي طالما أدخلت البحرين في منعطفات اقتصادية ودولية محرجة جداً بسبب طمع بعض المتلاعبين والمتاجرين بالعمالة السائبة، من أجل جني الأموال الوفيرة وغير المشروعة من أبشع المهن الأرضية على الإطلاق في هذا العصر، فهل سيستوعب النواب هذه القصة الكبيرة؟
.. للحديث بقية