في ظل الفوضى الإقليمية وتحت ظل التداعيات الاقتصادية التي تعصف بدول الإقليم، قال لي أحدهم وهو يشير إلى قضية العمالة السائبة؛ بأن لا شيء يمكن أن يضمن لنا عدم سرقة جيوش تلك العمالة «خبزنا» الذي تدعمه الحكومة، كما لا يمكن لنا أن نتنبأ حول مدى انضمام تلكم العمالة للمجموعات الإرهابية التي باتت تتشكل كقوى مجتمعية هائلة في أوساط مجتمعاتنا الخليجية كخليط من كل الأجناس، كما هو الحاصل في بقية الدول العربية.
من قبل كان بإمكانك أن تتحصل على خبزك «المدعوم» بكل سهولة، اليوم لا بد أن تنتظر كل ليلة في طابور المخابز لتحصل على «الخبز البلدي» لأن أمامك قاطرة من العمالة السائبة تنتظر سرقة رغيفك المدعوم.
جولة سريعة في شوارع المنامة و»دواعيسها» الصامتة يمكن من خلالها رصد مجموعة من العمالة السائبة وهي تدخل مسجد «غير مراقب» إلى مسجد آخر، وكل واحد من هؤلاء يحمل تحت إبطيه كتب أو منشورات بلغات مختلفة، وكل واحد من هؤلاء يطلق لحيته لعنان السماء دون أن نعرف ما هي نواياهم القادمة في منطقة باتت على حافة برميل.
يقول أحدهم؛ دخلت أحد المساجد لأداء صلاة العشاء في العاصمة المنامة وفي وقت متأخر، وإذا ببعض العمالة السائبة في وضع مريب وفي زاوية من زوايا المسجد يتحولقون حول أحد «المطاوعة» من الجاليات الأجنبية، وهو يلقي عليهم بعض الدروس بلغتهم، وهم يطلقون لحاهم بشكل ملف للأنظار، فراودت صاحبنا بعض الخلجات والمشاعر المخلوطة بالخوف والحذر، لعل من أبرزها هو تساؤله المشروع حول مستقبل «العمالة الدينية السائبة» في الوطن؟ والتي هي من أخطر أنواع «فري فيزا»!
نحن لا نريد أن نهول بعض الملفات الوطنية بطريقة غير منطقية، لكن في ذات الوقت لا يمكن الاستخفاف بها أو تجاهلها من باب «الوقاية خير من العلاج». إن تمدد العمالة السائبة من «الخانات» المهملة في زوايا «الفرجان» العتيقة إلى حيث العمل الديني وربما السياسي العلني أو السري في دور العبادة بلغات لا نفقهها، يرشدنا بطبيعة الحال إلى ضرورة مراقبة الوضع ورصد كافة المخالفات التي تنتجها هذه الشريحة في مجتمعنا الآمن.
حين نتحدث عن أكثر من 60 ألفاً من العمالة السائبة في البحرين -كما أقر بذلك بعض النواب في الجلسة الأخيرة للمجلس- فهذا يعني أننا نعيش بين أوساط 60 ألف قنبلة موقوتة، يمكن أن تنفجر أو تفجر عن بعد في أي وقت يره العدو مناسباً، وهذا يعني أننا يجب أن نكون في سباق مع الزمن لمعالجة هذا الملف الخطير، وإعادة الوضع المجتمعي والاقتصادي كما كان عليه، وذلك قبل تفشي ظاهرة «الاتجار بالبشر» في البحرين وفي بقية دول الخليج العربي.
لا وقت للمجاملات أو للحلول الترقيعية أو المخدرة، فملف العمالة السائبة من أهم وأبرز الملفات الوطنية التي يجب أن تأخذ حيزاً برلمانياً كبيراً، كما يجب على الحكومة أن تقف بكل صلابة في وجه كل من يقوم بالمتاجرة بالبشر والوطن معاً، فالبحرين أمانة.