من يسمي جمعية الوفاق والجمعيات الأخرى التي اشتركت في المؤامرة الانقلابية بأنها جمعيات معارضة، فهو يرتكب جريمة في حق وطنه، إذ إنه اعتراف بهذه الجمعيات التي لم تخف ولاءها يوماً لطهران، هذه الجمعيات التي خلقت لنفسها صورة دولة وحددت شعارها، وها هو علم الوفاق خير برهان حيث ترفعه على مبناها وتجعله مرافق لها في كل جلسة ومكان، ومع الأسف لم تعترض الدولة على هذا الشعار الذي هو في الأصل علم للدولة التي تؤسس لها، مثلها كعلم حزب الله.
إذاً الوفاق وجمعياتها هي ميليشيات تسعى إلى اختطاف الحكم، وكل الدلائل واضحة لا تحتاج إلى توضيح ولا تبصير، فبدءاً من ظهورها كجمعية سياسية اتخذت نهج الدولة، ليس بصناعة العلم، بل باجتماعاتها بالسفارات الأجنبية وتبادل الزيارات بينهما، وسفرها إلى الحكومات الغربية والعربية، وغيرها من مواقف تحاول أن تظهر صورتها كدولة، وذلك حين ترسل برقيات التهاني والتعازي إلى رؤساء الدول العربية والأجنبية، وحتى أثناء وجودها تحت قبة البرلمان ومازالت حتى اليوم ترسل هذه البرقيات والإدانات.
نحن هنا لا نلوم الوفاق في هذا الشعور أو التصرف بقدر ما نلوم الدولة التي سمحت لها منذ بداية تأسيسها أن يكون لها علم نفس علم الدول، فهو لم يكن شعاراً أبداً، فالشعار لا يخرج عن كونه مطبوعاً على أوراق المراسلات أو ملصقاً على الإعلان. واللوم الثاني حين بدأت الوفاق تتخطى دورها كجمعية سياسية رسمية تحت رعاية الدولة، وبدأت اتصالاتها بالمنظمات الأجنبية والسفارات وحكومات الدول ونشاط أعضائها في الخارج ومجاهرتهم بالخروج على الدولة، لكن لم تتخذ الدولة أي إجراء ضدها، بل استمرت هذه الجمعية حتى اليوم محتفظة باسمها كجمعية سياسية، أي أن جميع نشاطها الخارجة عن قانون الجمعيات وقوانين الدولة كانت مقبولة من الدولة ومن بعض الأطراف والشخصيات السياسية التي مازالت حتى اليوم تدافع عنهم.
وها نحن اليوم نقرأ مقابلة في صحيفة «الوسط» للدكتور علي فخرو، يصف الوفاق بأنها جمعية معارضة واضحة الأهداف والمطالب، وطبعاً هو الآخر لا ملوم ولا معاتب فشأنه شأن الدولة التي ظلت تنظر إلى الوفاق والجمعيات الأخرى كجمعيات معارضة تستحق الحوار والنظر في مطالبها، إلا أن الوفاق قابلتها كدولة وليس كجمعية حين تملصت من كل الحوارات وحتى الحوار المباشر مع الحكم، لأن ما تتطلع إليه الوفاق ليس المشاركة في البرلمان، لأن حاجتها للبرلمان انتهت، وذلك بعدما استطاعت هي ومسؤولون في الدولة كانوا لها عوناً ومفتاحاً للتمكين واختراق المؤسسات الرسمية، وما المشاريع الأخيرة من مشاريع التوظيف والمشاريع الاقتصادية والتعليمية والتدريبية، أكملت خطة التمكين والاختراق بعدما أهلت الكوادر لجميع التخصصات واخترقت بهم أهم الشركات الحيوية والمؤسسات الخدمية، إذاً كانت أهدافها أبعد من جمعية سياسية، هي نفس أهداف الحوثيين وحزب الله، وهي لم تخف هذا بل نفذته، وما المؤامرة الانقلابية إلا أكبر دليل على أنها ليست بمعارضة، بل ميليشيات موالية لإيران تسعى إلى الاستيلاء على الحكم.
وإن استمرار الدولة باعتبار الوفاق وجمعياتها معارضة، وأنها قد تبارك مشاركتهم في البرلمان القادم، قد تفتح على البحرين أبواب جحيم قد لا تغلق، وذلك حين تعيد ترتيب أوراقها وتعوض ما خسرته في السنوات الفائته كي تعيد الكرة مرة أخرى، وذلك كما فعل الحوثيون عندما دخلوا في وفاق مع الدولة مكنهم خلاله السيطرة على صنعاء مؤسسات وأحياء ومبان ومساكن، حتى أحكموا قبضتهم، وهذه المرة ستكون الوفاق والمجتمع الدولي الذي دعمها أثناء المؤامرة الانقلابية المتمثل في الدول الاستعمارية الكبرى وبعد إنهاء ملف إيران النووي الذي قد يتم الاتفاق عليه قريباً، سيكون وضع البحرين أصعب من أن تتصدى للمؤامرة كما تصدت لها في 2011، لأن كلاً من الوفاق وجمعياتها ومليشياتها في الشوارع والمؤسسات والشركات مع المجتمع الدولي قد أعدوا خطة محكمة، وقد تكون الآن جاهزة.
على الدولة وعلى جميع المؤسسات والشخصيات السياسية أن تجرم الوفاق وجمعياتها، وأن تصنفها كميليشيات إرهابية مثل «داعش»، فهي مدعومة من الخارج للإطاحة بالحكم واحتلال البحرين مثلما احتلت العراق، وهذا حق أصيل من حقوق الدولة التي لها الحق والسيادة على أرضها والدفاع عن أمنها واستقرارها وحماية شعبها، وهي من تقيم الأخطر وتصنف الأعداء، لا أن تنتظر قراراً من مجتمع دولي ولا أممي، وذلك كما تفعل دول العالم في تصنيف الإرهاب حسب ما تراه لا كما يراه الآخرون.
نعم جمعية الوفاق جمعية إرهابية، وها هي تصف نفسها بلسانها في إدانتها الأخير للتفجيرات الإرهابية في ليبيا بقولها «إن هذه التفجيرات التي لا تقيم وزناً لحرمة الدماء والأنفس وقتل الأبرياء إنما تنطلق من فكر من معاد للإنسانية السوية ولها أهداف مخالفة للإسلام القائم على نشر الرحمة والسلام»، وهي نفسها الجرائم الإرهابية التي تنفذها ميليشياتها في البحرين، التي أوغلت قتلاً وتفجيراً بعد مباركة أمينها العام ومساعده وفتوى مرجعهم الديني عيسى قاسم بتحليل الإرهاب وسفك الدماء.
ننتظر المشاركة في الرأي.. هل الوفاق معارضة أو ميليشيات إرهابية مثل داعش؟!