ذكرت دراسة أوروبية حديثة أن مكاسب عصابات الاتجار بالبشر في منطقة القرن الإفريقي بلغت 600 مليون دولار أميركي.
وأشارت الدراسة التي أجرتها منظمة "أوربيان اكستيرنال بوليسي أدفايزر"، وهي منظمة استشارية بالاتحاد الأوروبي، إلى أن نحو ثلاثين ألف شخص تم تهريبهم واختطافهم في الفترة من 2007 إلى 2012 وتعذيبهم بغرض الحصول على مبالغ مالية من أقاربهم كفدية لتحريرهم.
وبينت الدراسة التي صدرت في الرابع من ديسمبر الجاري، أن معظم الضحايا المستهدفين هم من اللاجئين الإرتيريين، الذين فروا من بلادهم هرباً من القمع، وفي طريق رحلتهم يتم خطفهم من قبل أفراد مسلحين وتهريبهم قسراً إلى سيناء، حيث يتم بيعهم هناك لجماعات مسلحة من البدو، والتي تقوم بتعذيبهم حتى يدفع أهاليهم الفدية التي تبلغ أحياناً 37 ألف دولار أميركي.
واستندت الدراسة التي أعدها أكاديميون وناشطون حقوقيون من السويد وهولندا، إلى خمس سنوات من التحقيق والبحث والتقصي لجميع مراحل رحلة الاتجار بالبشر، ومن خلال إجراء المقابلات الشخصية مع العديد من الضحايا في كل من السودان وسيناء وإيطاليا وأوغندا وإسرائيل، لتكوين صورة كاملة عن القضية، حيث ارتكزت الدراسة على شهادات مفصلة ومستقاة بشكل مباشر من هؤلاء الضحايا في أماكن تواجدهم المختلفة، بحسب القائمين على الدراسة.
سوق لبيع العبيد
وأوضحت الدراسة أن رحلة الاتجار بالبشر تبدأ بالهروب من إرتيريا، التي تعتبر عملية محفوفة بالمخاطر، بالنظر إلى العقوبة المتمثلة في الإعدام الفوري رمياً بالرصاص، ورغم ذلك يهرب شهرياً 5 آلاف شخص متوجهين إلى السودان أو إثيوبيا، وفق إحصاءات الأمم المتحدة، وعند وصولهم لمخيمات اللاجئين غير الآمنة يتعرضون للخطف من قبل أفراد مسلحين من قبيلة الرشايدة الحدودية، والذين يقومون بتهريبهم قسراً وبيعهم لعصابات الاتجار بالبشر في سيناء.
كما بينت الدراسة أن هذه العمليات تشبه إبى حد كبير نظام سوق العبيد والرقيق، حيث يتم احتجاز المختطفين وسط الصحراء، وتتم عمليات البيع بين العصابات المسلحة في مزاد علني، ويحدد سعر الرهينة تبعاً للجنسية، وتبعاً للمكان الذي يتواجد فيه أقاربه، فإن كانوا مغتربين فالأسعار تختلف، فيما يعتبر التعذيب نمطاً يومياً، ويشمل التعليق والضرب والحرق بالبلاستيك المنصهر، كما يقوم الخاطفون بالاتصال بأقارب الضحايا أثناء التعذيب لإسماعهم أصوات الصراخ والاستغاثات بغية إجبارهم على التعجيل في دفع الفدية.
تواطؤ الجيش الإرتيري
وأشارت الدراسة إلى أن عمليات الخطف والتهريب تحدث أحياناً بتواطؤ من ضباط في الجيش الإرتيري ومسؤولي مراقبة الحدود، حيث يتم نقل الرهائن على طول الحدود بسهولة ومن دون أي معوقات، بسبب تواطؤ هؤلاء الأفراد، وقدمت الدراسة في ختام عرضها عدداً من التوصيات، حيث دعت الاتحاد الأوروبي إلى القيام بواجبه القانوني والأخلاقي، وفتح تحقيق مستقل عن هذه الانتهاكات، كما ناشدت الحكومة السودانية بتكثيف الأمن في مخيمات اللاجئين لمنع حالات الخطف والتهريب القسري، فيما طالبت الحكومة الإرتيرية بالكف فوراً عن ممارسات القمع والاضطهاد بحق المواطنين، والذي يعتبر السبب الرئيسي في هروب هذه الأعداد الكبيرة.