أستاذة العلوم السياسية بجامعة الإمارات، الدكتورة إبتسام الكتبي، كتبت في حسابها على التويتر قبل يومين إن قناة «العالم» أطلقت هاشتاق يتابع الحملة الإيرانية على تكريت بقيادة قاسم سليماني تحت عنوان «رجالنا في تكريت». التغريدة عبرت بها الدكتورة الكتبي عن دهشتها واستغرابها من عنوان الهاشتاق، فهو عنوان لافت بالفعل ويثير الدهشة والاستغراب ويثير معهما ألف سؤال وسؤال، فما الذي يقصدونه بـ «رجالنا في تكريت»؟
الجنرال قاسم سليماني هو قائد فيلق «القدس» في الحرس الثوري الإيراني، والمسؤولون الإيرانيون يحرصون دائماً على ترويج فكرة أن وجود سليماني في العراق هو لتقديم الاستشارات للقادة العراقيين، ووجود الإيرانيين في سوريا هو لتقديم الاستشارات العسكرية ليس إلا.
الإعلامية الكويتية عائشة الرشيد ذكرت في برنامج «الحقيقة» الذي تعده وتقدمه بإحدى الفضائيات الكويتية إن قاسم سليماني دخل الكويت وخرج منها في الساعات الثلاث التي انقطعت فيها الكهرباء أخيراً، قالت إن هذه المعلومة دقيقة وطلبت من وزير الداخلية الكويتي التحقيق في الموضوع. الرشيد قالت إن سليماني «دخل الكويت وطلع واطمأن على الوضع وتأكد أن كل الأمور ماشية لساعة الصفر». كانت تنتقد مسألة انقطاع الكهرباء وتحاول أن تبين وتتبين ما نتج عن ذلك من أضرار في الساعات الثلاث التي تعطلت فيها (الرشيد ذكرت أيضاً أن ضابطاً بحرينياً قال لها إن انقطاع الكهرباء لبضع ساعات في العام 2004 عن مملكة البحرين نتج عنه إدخال كميات كبيرة من الأسلحة).
هذا يعني أن قاسم سليماني «تحته شي»، ويعني أن إيران تخطط لأمور الجميع غافل عنها، وكما أنها صارت تقود الحملة على داعش في بعض المحافظات والمدن العراقية وتعلن ذلك على الملأ، إلى الحد الذي دفع فضائية «العالم» إلى وضع «هاشتاق» تحت عنوان «رجالنا في تكريت»، لذا فإنه ليس مستبعداً أن يكون دخول قاسم سليماني الكويت في تلك الساعات التي انقطعت فيها الكهرباء -لو كانت المعلومة بالفعل دقيقة كما تقول عائشة الرشيد- لأغراض عسكرية يمكن أن تفاجأ بها كل دول التعاون.
ليس تهويلاً ولكن الكثير من الوقائع تدفع نحو الاعتقاد بأن إيران على وشك تنفيذ أمر ما في دول الخليج العربي؛ أولها التواجد غير الطبيعي في لبنان وسعيها إلى إقناع اللبنانيين تسلم كمية ضخمة من الأسلحة الإيرانية «هدية» من الشعب الإيراني للبنان، وثانيها التواجد العسكري في سوريا والعراق ومشاركة الجنود الإيرانيين في العمليات العسكرية ضد المعارضة هناك وضد داعش وكل التنظيمات التي تحارب السلطة في ذينك البلدين، وثالثها القرارات السريعة المؤدية إلى تواجدها في اليمن بتسيير رحلتين يومياً بين طهران وصنعاء، والسيطرة الواضحة على الاقتصاد اليمني ومد الحوثيين بكل ما يتيسر من مساعدات وأسلحة و»مستشارين عسكريين» ربما بقيادة قاسم سليماني أيضا، ورابعها الدعم الإعلامي وغير الإعلامي الذي توفره لـ «المعارضة» هنا والذي أدى بها إلى الجزم بأن «النصر قريب» وإلى العمل من دون توقف في انتظار أن يأتي المدد أو يأتي سليماني، وأخيراً الاستعراضات العسكرية التي لا تتوقف في مضيق هرمز والإعلان شبه اليومي عن أسلحة جديدة متطورة.
كل هذه الأمور تقلق وتثير الأسئلة، والخشية أن تتوصل إيران إلى اتفاق نهائي مع الغرب فيما يخص الملف النووي وتعقد من ثم معه اتفاقاً سرياً تصبح معه القوة المهيمنة على الخليج العربي، فالغرب -وخصوصاً الولايات المتحدة- يظل محكوماً بمصلحته، فإن وجدها مع إيران باعنا برخص التراب. حينها لا يحتاج قاسم سليماني دخول أي بلد خليجي لحظة انقطاع الكهرباء والخروج منها قبل إعادة «الفيشة» إلى مكانها، فحينها تكون الأرض أرضه والجو جوه والبحر بحره، ولن يكون مستغرباً أن تضع «العالم» هاشتق جديداً.