مازلت أتذكر أول درس لي في المدرسة، كان كالتالي حرفياً «أنا عامر، أختي أمل» أذكر أنني حينها قلت للمدرسة إن اسمي ليس أمل وليس لدي أخ اسمه عامر؛ فابتسمت وقالت لي بلغة الأمر التي تعلمتها من المدرسة «اقرئي المطلوب منك وحسب»، ومنذ تلك اللحظة وأنا أشعر بغصة في جوفي مفادها أنني لست أمل وأخي ليس بعامر.
أحمد الله بأن الأسلوب الذي تتبعه مدرسة ابني الخاصة حالياً مختلف تماماً، فهي توصي بلصق صورة الطفل ثم تعلمه بأن اسمه هو «إبراهيم» مثلاً، أي أن ليس كل الصف اسمهم عامر كما كان صفنا سابقاً.
والغريب في الأمر بأنني عندما وصلت الصف الرابع الابتدائي تغير اسمي مع أول درس في اللغة الإنجليزية، فأول درس كان my name is Ali- my name is Leanda
وكبرنا وتحقق لدينا الفهم أن هذه الأسماء عبارة عن نماذج لا تمت بالواقع بصلة، ولو كان من المنطقي لاختار القائمون على إعداد هذه الكتب أسماء لها هويتها البحرينية والابتعاد عن الأسماء الجديدة مثل أمل أو عامر مثلاً.
أذكر أن في جميع مراحل تعليمي الأساسي كان الطابور الصباحي إلزامياً. كنا نلتزم فيه بإنشاد السلام الوطني آنذاك؛ بل إننا كنا نتسابق في علو أصواتنا به حتى يشعر المار بالقرب من المدرسة أن الجدران ستتهاوى من قوة صوتنا. أما الآن وعند سؤالي لأحد أبناء أصدقائي والذي يدرس في أحد المدارس الخاصة تفاجأت بأنه لم يحفظ السلام الملكي، وعند سؤالي إياه لم لا تحفظ النشيد الملكي على الرغم من إعادته يومياً في الطابور الصباحي؟ أجاب ومعالم الدهشة على وجهه أن طابورنا أسبوعي ولا أحد يلتزم به. وتعزف موسيقى السلام الملكي دون أن يطلب منا الإنشاد معه.
مـــا الذي حصــل؟ ولمــاذا يجهل الجيل الحالي كلمــــــات نشيدنـــا الملكـــي؟
ولا نستغرب من الجيل الجديد إذا كانت معظم الفعاليات في البلاد تكتفي بعرض موسيقى السلام الملكي عوضاً عن استخدام المقطوعة كاملة. ووصل الأمر إلى أنه عندما تكون هناك مباراة رياضية لا نستطيع تسليط الكاميرات على أوجه لاعبينا، لأنهم للأسف لا يحفظون النشيد الملكي أسوة بباقي المنتخبات.
أتذكر بأن لمعالي الشيخ فواز بن محمد، وزير الإعلام السابق، دوراً في إحياء السلام الملكي وتسجيله بحلة جديدة وإعادة عرضه في أوقات معينة. فلم لا نعيد التجربة لضمان حفظ أبنائنا للسلام الملكي؟
أعتقد بأننا بتنا أكثر حاجة لإحياء السلام الملكي الجديد بحلة جديدة تتناسب مع التطورات الراهنة في مجال الإعلام، ولنأخذ تجربة دولة الكويت والإمارات العربية المتحدة كنموذج من أجل توظيف النشيد الوطني في مختلف المناسبات بقوالب مختلفة.
على الرغم من مساعي مملكة البحرين في تعزيز الهوية المحلية عبر مختلف الفعاليات إلا أن الجهود غير كافية، لاسيما مع وجود مواطنين جدد لا يفقهون في تاريخ البحرين قيد أنملة ونحتاج إلى بذل مزيد من الجهد لصهرهم في المجتمع البحريني لصنع نسيج متجانس يمثل الهوية البحرينية التي باتت تضيع ملامحها شيئاً شيئاً.
- ملاحظة..
وردتني ملاحظة من قبل بعض أولياء الأمور في المدارس الخاصة والحكومية حول أن عدداً من المدرسين والمدرسات يقمن بتدريس مادة المواطنة وهم من غير المواطنين، فكيف لنا أن نكتسب المواطنة ومفهومها من أشخاص ليسوا بمواطنين ولا يفقهون نطق أسماء قيادتنا الرشيدة ولا أسماء مناطقنا ولا يعرفون عن تاريخنا وحضارتنا شيئاً.