من التصريحات المنسوبة لعلي أكبر ولايتي، الذي يشغل العديد من المناصب في إيران، قوله إن «أي تدخل في الشؤون الداخلية لليمن يزعزع الأمن ويفاقم التوتر»، فقد جاء في الأخبار أنه قال خلال لقائه وفداً يمنياً (حوثياً) «إن أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية لليمن من قبل أي دولة سيؤدي إلى زيادة انعدام الأمن والتوتر وزيادة انعدام الاستقرار في اليمن والمنطقة». وأعرب عن أمله «بأن تتجنب دول المنطقة والمجتمع الدولي في هذه البرهة الحساسة ومن خلال درايتها والتزامها بمراعاة حقوق الشعب اليمني والسلام والاستقرار العالميين، أن تتجنب إثارة أي حساسية أو اتخاذ اجراءات غير مسؤولة تنتهك سيادة اليمن».
تصريح لافت ومثير لأنه يعني باختصار أن ما تقوم به إيران الآن في اليمن لا يعد تدخلاً في شؤونه، ويعني بصيغة أخرى أن إيران هي صاحبة الحق فقط في التدخل في الشأن اليمني لو اعتبرنا أن ما تقوم به هناك تدخلاً، فقد صار اليمن حقاً إيرانياً مكتسباً!
ما الذي تريده إيران بالضبط؟ الإجابة تختصرها أستاذة العلوم السياسية بجامعة الإمارات إبتسام الكتبي، فتقول «في الوقت الذي تفاوض فيه إيران القوى الكبرى، تخوض حروباً طاحنة في تكريت وحلب، وتؤسس لدولتها في اليمن، وتنظم أسبوعاً للسينما في الأردن، وتنظم رحلات وبرامج للنخب العربية في طهران، وتقدم خدمات إنسانية في الفلبين.. هذا هو معنى المشروع الإيراني».
وبالطبع تدعم إيران كل من يتخذ موقفاً لسبب أو لآخر من قيادة وحكومة البحرين، فتوفر له ما يشاء من مساحات إعلامية ليخرج ما في قلبه من أحقاد، وتغدق عليه من الأموال ما يمنعه من التراجع عن موقفه، وتشد من أزره وتحرضه وتدعمه بكل ما أوتيت من قوة، وصولا إلى تسيير المظاهرات المعادية للسلطة في البحرين في أي ساعة يشاء وفي أي مدينة من المدن في الدول التي صارت تسيطر عليها.
هناك إذاً مشروع إيراني كبير ينبغي أن ينتبه له المعنيون في البلاد العربية وفي دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، هذا المشروع يتم تنفيذه بشكل دقيق حسب خطة مرسومة اهتم واضعوها بتفاصيل التفاصيل. المشروع بدأ بلبنان وعرج على سوريا والعراق ووصل اليمن، وبعد قليل سيصل إلى البحرين والسعودية وكل دول مجلس التعاون.
المؤسف في هذا الكلام أنه ليس مجرد كلام وإنما هو واقع تؤكده الشواهد، فوجود إيران في لبنان ليس مجرد سفارة وسفير و«مستشارين عسكريين» وعلاقة مع حزب الله ولكنه تحكم في جزء كبير من القرار، فقد وصل الأمر هناك إلى حد أن الحكومة اللبنانية صارت تحسب ألف حساب وحساب لإيران وليس لحزب الله فقط، وإن كان الحزب تابعاً لها، فلبنان -أو على الأقل أجزاء من لبنان- صارت فارسية.
ووجود إيران في العراق يراه العالم اليوم على حقيقته، فهي التي تقود المعارك فيه وهي المرجعية للحكومة العراقية التي صارت لا تستطيع أن «تشك خيطاً في إبرة» من دون موافقتها وإن من باب «استشارتها». ووجود إيران في سوريا ليس وجوداً عادياً، ويكفي أن الرئيس الأسد صار تابعاً لها ولعبة في يدها ينفذ ما تأمره به ويردد ما تقوله. واليوم وجود إيران في اليمن يراه حتى فاقد البصر، فإيران هي التي خططت وهي التي نفذت وهي التي تحكم اليوم فعلياً في صنعاء، ولن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تسيطر على كامل اليمن لتتفرغ بعد ذلك إلى بلدان أخرى وأولها البحرين التي عليها أن تأخذ حذرها، خصوصاً مع وجود الخلايا النائمة واليقظة والتي أعطت العديد من الأمثلة على عمالتها لإيران.