مشكلـــة ازدحــام المـرور في تفاقم، ولم يقتصـــر الازدحام ساعة الدوام والانصراف، بل أصبح الازدحام صفة لشوارع البحرين الرئيسة والفرعية والجسور وكل طريق مرور، أصبح الازدحام في القرى والمدن، وزاد عليه قلة المواقف، بل عدمها، بعد أن امتلأت الساحات والبراحات بالسيارات، فلا موقف عند باب البيت ولا حتى عند باب بيت الجيران ولا عند بناية ولا دكان، وذلك نتيجة طبيعية لرخاوة القوانين والشروط، مما ينذر بالخطر بأن الازدحام سيتفاقم حتى يصل لتأثر الناس في أعمالهم والتلاميذ في صفوفهم، ولن يستطيع أحد أن ينتقل بسيارة ولا حتى دراجة.
وها هي دول خليجية، ومنها الكويت، قد أصدرت قوانين تساهم في تخفيف الازدحام، ومنها تشديد الحصول على رخص سياقة للوافدين الأجانب، تشمل ربطها بصلاحية الإقامة والحد الأدنى للراتب، وأن يكون حاصلاً على إقامة قانونية في البلاد مضى عليها سنتان على الأقل، وأن يكون حاصلاً على شهادة جامعية، كما ألغى القرار رخص القيادة التي حصل عليها السائق والمندوب العام ومندوب الجوازات ومندوب الشؤون الاجتماعية والعمل بإلغاء إقامته في البلاد أو تغيير مهنته التي استخرج على أساسها الرخصة، ولا يمنح من تلغى رخصته بدلاً منها إلا بعد مضي سنتين وبإجراءات جديدة، كما تلغى رخص القيادة في حال قيام الحاصل عليها بتغيير مهنته التي على أساسها استخرج الرخصة إلى مهنة أخرى لا يشملها هذا القرار، واستثنى القرار عدداً من الفئات، وذلك بعد أن تفاقم الازدحام في شوارع الكويت.
وإذا تأملنا شوارع البحرين لوجدنا الوافدين لديهم كافة أنواع سيارات النقل الخاصة، وذلك عندما منحت رخص السياقة دون شروط غير اجتياز امتحان السياقة، حتى لو كان الوافد عامل بناء أو بائع خضروات أو عامل نظافة، مما دفع بالكثير منهم لامتلاك سيارة، ليست هي الأخرى عليها شروط سوى أن تكون مسجلة ومؤمنة، وهكذا امتلأت الشوارع والمواقف والمناطق السكنية بأشكال وأنواع من سيارات النقل والصالون، والأدهى والأمر بأن بعضهم قد يملك عدداً من السيارات.
إن إدارة المرور لا تألوا جهداً في تسهيل انسياب المرور في المناطق وفي الشوارع، لكنها تقف مكتوفة اليد عندما لا يكون لديها قوانين كفيلة بالحد من هذا الازدحام الذي يتفاقم، فنحن اليوم أمام ازدياد في الطلب على رخص السياقة من قبل خريجي المدارس والوافدين بعشرات الآلاف، وعلى مواطني دول الخليج أيام الإجازات الأسبوعية وغيرها من مناسبات، فالوضع قد تعدى مرحلة الخطر وأصبح كارثة، وعلى مجلس النواب إعادة النظر للحد من ازدياد أعداد السيارات، وذلك لن يكون إلا من خلال شروط تحد من حصول الوافد على رخصة سياقة، خاصة أن الأمر وصل أن أصبحت رخصة السياقة بالنسبة للوافدين هي مصدر وافر للربح، بغض نظر عن مهنته، وها نحن نشاهد السواق الأجانب، ولو سألنا عن مهنهم الأصلية لوجدنا منهم عامل بناء وما أكثرهم، ومنهم منظف أوان في مطعم أو مصلح دراجات أو حارس أو قائم مسجد، والذين يستخدم بعضهم سيارتهم في توصيل التلاميذ ومنهم من يرتدي الغترة والثوب كي لا يكتشف أمره، ومنهم من وصل الأمر به علانية يمارس مهنة شراء قطع المعادن وهو يلف بسيارته «البيك أب» التي لا تتقيد حتى بشروط النقل بين الفرجان وفي الشوارع العامة أمام مرأى المرور، ونماذج كثيرة نشاهدها لا تعد ولا تحصى، وذلك بعدما أصبحت السياقة مهنة ذات مدخول عالٍ وواف للوافدين.