ما أجملها من لحظات عندما تستلم رسائل ذات معان رنانة، أشخاص أبعدك عنهم الزمان وطول المسافات يسلمون عليك بمناسبة جميلة فقط لأنك خطرت على بالهم. ولكن عندما تستلمين يا سيدتي رسائل كلها إيجابية عن الدور الفاعل للمرأة من رجل لأنه يعي تماماً أن 8 مارس هو اليوم العالمي لك؛ فلاشك بأن وقع هذه الكلمات سيكون قمة في الروعة على نفسيتك حينها، لأنك ستشعرين بأن العالم بشقه الذكوري يحتفي بك.
ومن ليس لديه فكرة؛ فلايزال يوجد هناك لغط ما إن كان «احتفال 8 مارس بالمرأة» مصدره الاتحاد السوفيتي السابق يوم قامت النساء العاملات بثورة ضد عبودية المطبخ والاضطهاد وضيق الأفق في العمل المنزلي، حيث كانت العطلة حينها تتميز بسمة سياسية واضحة، تؤكد على دور الدولة السوفيتية في تحرير النساء من كونهن مواطنات من الدرجة الثانية، مع العلم أن بعض الباحثين يرجح أن اليوم العالمي للمرأة كان إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية.
وبين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية يقف الإنسان العاقل متزناً مبتسماً بالقدر الكبير الذي أكرم به الله عز وجل؛ «حواء» حبيبة آدم ورفيقة دربه التي خلقها من ضلعه لتكون الأقرب إلى قلبه، فهي من حملت الأنبياء والرسل والمؤمنين والصالحين، هي من جاهدت وثابرت وضحت وأعطت، ففي كل الديانات السماوية، المرأة مكرمة من رب العباد قبل العباد واختراع المناسبات.
فتكريم «حواء» لا يتمحور فقط حول «ladies first»، والأغلبية للأسف لا يعلمون مصدر هذا المصطلح، غير أننا نحن العرب نردده كالببغاء ولا «بفتحة» باب سيارة، وإنما أكثر من ذلك بكثير. وأنا في خوض البحث عن المكرمات التي خص بها الله عز وجل المرأة وإذ بي أستلم هذه الرسالة التي أحببت أن تشاركوني بمعانيها، ولكم أن تحكموا بعدها.
فالرجل هو مسؤول عن زوجته في طعامها ومشربها ومسكنها وملبسها ضمن قدراته المالية من غير إسراف ولا تبذير، وإذا خانها فعقوبته الرجم حتى الموت، إذا تزوج بثانية ولم يعدل بينهما حشر يوم القيامة شقه مائل.
إذا كتب لها مهراً ولم يعطها إياه فهو سارق، إذا طلقها ? يحق له أن يأخذ شيئاً مما أعطاه لها.
إذا أكل حقها في الميراث فقد تعدى حدود الله ومن يتعد حدود الله فهو ظالم لنفسه، إذا ضربها وأهانها فهو لئيم وإذا أكرمها فهو كريم، إذا كرهها فليصبر فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً، وإذا طلقها فعليه أ? ينسى فضلها، وإذا افترقا ? يحرمها أولادها وعليه نفقتها ونفقة أولادهما وسكنهم حتى تتزوج.
مالها حرة فيه إن تصدقت عليه فلها أجران وإن منعته فلا يحق له السطو عليه، قوامته عليها تكليف وطاعتها له جهاد في سبيل الله، ثم بعد ذلك إن أرادت فراقاً فلها أن ترد عليه مهره وتخلعه.
فهي من لأجلها خاض النبي حرباً ضد بني قينقاع، وحرك المعتصم جيشه إلى عمورية، ولسمعتها وضع الله حد القذف ثمانين جلدة، علمها واجب وعملها جائز ضمن الحدود والضوابط الشرعية.
فهل تحتاج المرأة تكريماً من العباد وهي المكرمة من رب العباد، وأما عن التسميات فيكفينا شرفاً أننا في الدنيا سمعنا أحد الأنبياء والرسل المبعوثين ينادى باسم أمه «المسيح عيسى بن مريم» عليه الصلاة والسلام، ويوم القيامة -والعلم عند الله- سوف ننادى بأسماء أمهاتنا جعل الله العلي القدير مثواهن الجنة.
فنحن لا نحتاج لثورة ضد المطبخ، فالمطبخ بالنسبة لنا فن ومهارة وذوق، وإنما نحتاج لثورة ضد العقول التي لا تثمن ولا تقدر.