الكلمة التي تفضل بإلقائها الفريق الركن معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية، الذي ترأس وفد المملكة إلى اجتماع الدورة الثانية والثلاثين لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي عقد الأربعاء الماضي في جمهورية الجزائر الديمقراطية، كلمة مهمة لم يكتف فيها معاليه بتلخيص واقع الأمن في مجمل البلاد العربية، ولكنه اقترح الحلول والمخارج أيضاً، وكعادته في التكثيف لامس الشيخ راشد المشكلات بعبارات قصيرة ولكنها كافية ومؤثرة؛ تشير إلى الخلل وتبين الحل، فهو يضع أصبعه على الجرح مباشرة ليستفيد من باقي الوقت في مداواته.
في كلمته المهمة هذه قال إن الأمن العربي يشهد حالة صعبة أنتجت ضحايا ودمار في البلدان العربية، وأوضح أن هذا الأمر» لم يكن محض صدفة، ولم يكن أمراً عشوائياً، ولكنه ظرف مدبر وخطير تم التعامل معه ولكن مازالت هنالك جبهات ساخنة، وأرواح تزهق، وأهالي ينزحون ويهجرون من بيوتهم وديارهم».
الوزير اهتم بالقول إنه «بالرغم من تلك التداعيات الخطيرة؛ إلا أنها لم تحقق هدفها في كسر الهوية العربية»، كما اهتم بالتأكيد على أن «تعافي الأمن العربي هو الهدف الأسمى للمسؤولين عنه في هذه المرحلة الهامة من تاريخ الأمة العربية»، وأن «المطروح على الساحة الأمنية اليوم هو أن يتحقق الأمن ويسود النظام»، وحذر من أن «خلاف هذا الأمر هو الانتقال إلى حالة الفوضى وانعدام الاستقرار»، أي أنه لا خيار لهذه الأمة سوى انتصار أمنها العربي واستقرار أوضاعها.
هكذا شخص الشيخ راشد بن عبدالله الداء قبل أن يقترح الدواء الذي يرى أنه يكمن في حتمية التعاون بين الأشقاء «خصوصاً أن الكثير من مصادر التهديد والتحديات الأمنية للأمن العربي قواسمها مشتركة»، وعزز رأيه بالتنويه بأهمية هذا الاجتماع الأمني في هذه الظروف الدقيقة، فقال إنه يمثل إرادة وعزم التعاون الأمني العربي، ونبه إلى أن أي ارتباك أو تباين في المواقف السياسية العربية نتيجته تصدع الجبهة الداخلية وهشاشة الموقف الأمني. (وعكس هذا صحيح أيضاً).
وزير الداخلية أوصل إلى المجتمعين في الجزائر رسالة مهمة تضمنت رؤية مملكة البحرين والحلول التي تقترحها لتصحيح الحالة الأمنية الراهنة، والتي ينتج عنها يومياً الكثير من الضحايا، ملخصها «إننا مسؤولون عن الحفاظ على الأمن في أوطاننا، وأن علينا بذل أقصى الجهود في سبيل ذلك، فالأخطار تتسع وتعبر الحدود، مما يدفعنا إلى انتهاج استراتجية أمنية مشتركة قادرة على مواكبة التطورات والمستجدات وتحديد مكامن الخطر وسبل القضاء عليه».
لكن كلمة الوزير لم تكن موجهة للمجتمعين هناك فقط، وإنما إلى الداخل أيضاً، فهي رسالة إلى مثيري الشغب ومن يناصرهم، يقول لهم فيها باختصار إن وزارة الداخلية هي المسؤولة عن الأمن، وبالتالي فإنها لا يمكن أن تقبل بخدشه أبداً، لذلك فإنها تتعامل بحزم مع كل ما قد يؤثر على أمن المواطنين والمقيمين وزوار البحرين كونها هي المسؤولة عنه. كما يقول لهم إن وزارة الداخلية اعتمدت استراتيجية أمنية واضحة ملخصها مواكبة كل التطورات والمستجدات التي تعينها على تبين مكامن الخطر لتقضي عليه، فالوطن أمانة وحياة الناس وأمنهم واستقرارهم مسؤولية هذه الوزارة.
بالتأكيد هذا الكلام لن يعجب مثيري الشغب والساعين إلى إحداث الفوضى وممارسة العنف ويزعجهم لأنه يخرب خططهم ويربكها، لكنه بالتأكيد أيضاً يعجب شعب البحرين والمقيمين وكل من يختار هذه البلاد وجهة سياحية، فهذا الكلام والموقف والحزم والعزم على التصدي بقوة لكل من تسول له نفسه المخاطرة بأمن الآخرين من شأنه أن يوفر حالة من الاطمئنان تفضي إلى الاستقرار وتعين الناس على العمل والعطاء والمشاركة في البناء والتنمية.