وزير الأشغال والبلديات هو الوزير المسؤول أمام المجلس النيابي عن الثقافة؟.. عن الثقافة؟ «من صجكم»؟ هذا هو الخبر الذي نقلته صحيفة الأيام أمس.
ليس تقليلاً من أهمية وزارتي الأشغال والبلديات ولا تقليلاً من ثقافة الوزير الحالي المهندس عصام خلف، فهو كشخص.. كإنسان.. من الوزراء المثقفين وأكن له كل الاحترام قريب من الأنشطة الثقافية بل هو صديق حميم لرئيسة هيئة الثقافة، بل الأكثر هو من أكثر وزراء الأشغال والبلديات تعاوناً كجهة اختصاص لمتطلبات البنية التحتية للمواقع الأثرية، ولا تقليلاًٍ من الوزارة كمؤسسة حكومية لها مهامها الحيوية، إنما ما دخل الأشغال والبلديات بسياسة الدولة الثقافية؟ «فهمونا يرحم والديكم»؟ كيف تفكرون؟ أم أن الدولة لا تدري أنه يجب عليها أن تملك رؤية وسياسة وخططاً وبرامج لتنمية ثقافتها وخططاً وبرامج ورؤية تحافظ من خلالها على موروثها الثقافي؟
ألهذه الدرجة أنتم «متوهقين» بهوية البحرين الثقافية فلا تعرفون أين تلقونها وأين ترمونها وتحت أي مصنف تلحقونها؟
أردتم سحب «الاختصاصات السياحية» من وزارة الثقافة ولكم رؤيتكم في تنشيطها والتركيز على السياحة الخليجية الترفيهية لجعلها مصدراً ومورداً للدخل.. ليكن.. نحن أيضاً نتمنى رواج هذه السياحة وازدهارها ونعرف أن البحرين تمتلك المقومات لجعلها مركزاً لاستقطاب هذه السياحة، إنما هذا لا يعني أن يداس ويهمل وجه البحرين الحضاري ويعامل بهذه الخفة والإهانة والاستهتار، هذا لا يعني أن تجهل قيمة الهوية التاريخية الحضارية والاقتصادية والأمنية كذلك، هذا لا يعني ألا تسأل ولا تهتم ولا تعرف ما هي سياسة الدولة الثقافية؟
الأدهى أن هذا التخبط يأتي في وقت تحاربنا دول من خلال اختطاف هوية شعبنا وثقافته وتحاول طمسها وتغييرها، بل وسرقة حتى آثاره وتراثه، لأنها تعرف قيمة ما لدينا، ونأتي نحن ونؤكد لهم أننا فعلاً لا نعرف قيمة ما نملك.
من الواضح جداً أن البحرين لا تعرف ما هو المطلوب من الدولة تجاه «الثقافة» ولا تعرف ما هو المطلوب من «الثقافة» لخدمة الدولة، وبالتالي لا نستطيع أن نقدر إن كانت «الثقافة» يمكن أن تبقى مجرد قطاع ضمن إحدى الوزارات أم وزارة أم هيئة؟ أتعتقدون أن مشكلة «الثقافة» في البحرين كانت في المساءلة النيابية حتى يكون المخرج هو إلحاقها بوزارة أي وزارة وإن كانت وزارة الأشغال والبلديات؟ إنكم أوصلتم رسالة واحدة فقط للعالم وللمجتمع الدولي الذي يتواصل معنا كشعوب وكدولة من خلال ثقافتنا ومؤسساتنا الثقافية، أن «الدولة» برموزها بحكومتها في مملكة البحرين لا تعرف ولا تقيم ولا تفهم ولا تدري ما هي قيمة نتاج الإنسان كتاريخ وحضارة وهوية على هذه الأرض، وأن «الدولة» في البحرين لا تعرف أن العالم يحترمك بقدر احترامك لنتاجك الثقافي ولهويتك، وأن العالم يقيس درجة احترامك ودرجة فهمك ووعيك بقيمة ما تملك من خلال الرؤية والسياسة والبرامج والخطط والاستراتيجيات التي وضعتها كدولة لخدمة ولتوظيف الثقافة البحرينية تحديداً، لكن المؤسف أن «الدولة» في البحرين أثبتت أنها ترى أن «ثقافتنا» لا تزيد عن مجرد مجموعة أحجار وضعها الإنسان البحريني قديماً وبنى بها قلعة وبإمكان وزارة البلديات والأشغال أن تكون هي الجهة المسؤولة عنها! وأثبتم أن «الدولة» في البحرين ترى الثقافة مشكلة وأزمة وتحتاج إلى مسؤول عن الصرف الصحي للتخلص منها، أهذا هو مفهوم وقيمة الثقافة عند الدولة في البحرين؟ نحن إذا.. فعلاً.. حقاً.. أمة ضحكت من جهلها الأمم.