كالسرطان نخشى تسميته فنقول «الخبيث» أصبح توصيف السجلات التي أدخلت علينا سرطان العمالة السائبة مخيفاً فنبحث لها عن اسم أقل تأثيراً، فلا نسميها سجلات وهمية نسميها سجلات غير نشطة، الزبدة نشطة أو وهمية «باس أو بصق» ما الذي يهمنا في هذا الموضوع الاسم لا يعنينا في شيء لنسمها السجلات «البطيخية» لا يهم.
كما لا يهمنا أن نسمي أصحابها «تجاراً» أم غير تجار حتى نقف عند حد التبرؤ منهم تجارياً، ما يهمنا هو أن تتحرك الدولة الآن وليس غداً لإلغاء سجلاتهم فوراً ودون تأخير وتسفير عمالتهم بوتيرة أسرع من 125 يومياً، ووضع عقوبة مشددة ومغلظة لهذه «التجارة البشرية» المحرمة شرعاً والممنوعة دولياً، قبل أن يدخل هذا الملف للعبة الابتزاز الدولية ونخضع لضغوطه السياسية، فلم يعد الأمر ضرراً على الاقتصاد فحسب وضرراً على التجار والمقاولين فحسب، بل نحن أمام باب واسع للتدخلات الدولية وملفات حقوق الإنسان فيها.
ربما هذه اللفتة تجعل مؤسسات الدولة تفتح عينها على هذا الخطر وتتحرك بوتيرة مغايرة بعد أن فشلت أجراس الإنذار السابقة التي أطلقها التجار لسنوات محذرين من ضرر هذه الجريمة عليهم وعلى أرزاقهم، ربما الدولة يهمها حفظ أمنها أكثر من حفظ أمن وأرزاق الناس ويجعلها هذا الخوف تتحرك فوراً لإغلاق باب هذا الخطر الذي سيفتح عليها باب التقارير الحقوقية من هذا المدخل.
إلغاء السجلات المخالفة لا يجب أن ينتظر إلى حين نتائج لجان التحقيق التي أنشئت لمعالجة هذه الآفة وهذا السرطان المستشري في سوقنا المشوهة، فنتائج لجان التحقيق هي لمنع وربما لتفادي «تكرار» الجريمة، إنما المطلوب الآن وقف النزف الحالي والخطر الداهم نحن أمام جريمة مكتملة الأركان واقعة والمجرم معروف وجسم الضحية ينزف بسبب جريمته.
ماذا يعني أن العقاريين أو قطاع المقاولات يعرفون أن 80% من السجلات لا تعمل وسيدات الأعمال يعرفن أن 70% من السجلات لا تعمل؟ إذا كانت النسبة معروفة فهل يصعب معرفة من وراءها؟ هذه كارثة بمعنى الكلمة.
فإذا كنا نرى صعوبة في تفتيش حقيقة أم عدم حقيقة عمل كل السجلات لنقص في عدد المفتشين، فإننا نستطيع أن نحصر عدد الشركات الحقيقية إذاً والمعروفة بنشاطها ونلغي ما تبقى، وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء المستعجل، ونركز عمل اللجنة المختصة لفحص الشركات المتضررة من قرار الإلغاء، فإن مس الضرر شركات حقيقية فإنها حتماً ستلجأ للجنة أو للقضاء وستكون محدودة حين ذاك، ويزال قرار الإلغاء، أما البقية وهي الأكثرية فستواري سوءتها وتختفي ولن تجرؤ على الظهور علناً.
ولك أن تعطي بديلاً وخيارات لأصحاب السجلات «الوهمية أو غير الناشطة أو البطيخية» بعد ذلك، إما تنفيذ العقوبة حسب القانون، أو إيداع كلفة تسفير العمال المسجلين تحت سجلاتهم ووضع أسمائهم في القائمة السوداء التي تمنع تكرار جريمتهم مرة أخرى وتمنع إصدار سجلات جديدة لهم، أما الوتيرة التي نعمل بها حالياً فلن تنهي المشكلة إلا بعد خمس سنوات هذا على اعتبار أن مشكلتنا هي في التخلص مما هو موجود وليس مما هو قادم!
الموضوع الثاني:
أرجو من النواب فتح ملف تأجير الأراضي الصناعية والتحقيق في كيفية معالجة الحكومة للهدر في المال العام الذي يتسرب من هذه الثغرة، فبالإضافة إلى أننا نعاني من شح في الأراضي المخصصة للأغراض الصناعية قامت الحكومة بتأجير أراض مخصصة لهذا الغرض لتجار استخدموها لإقامة معارض ومخازن، وتركوا أصحاب المشاريع الصناعية يبحثون لهم عن بديل.
أما الطامة الثانية فهي أن إيجاراتهم رمزية بغرض دعم الصناعة، فلا رأينا صناعة ولا رأينا مدخولاً لخزينة الدولة، فهل يعقل أن يكون إيجار أرض على واجهة شارع سترة بمبلغ لا يتجاوز 1200 دينار سنوياً؟
الملف الآن أمام مجلس الوزراء لتصحيحه ودوركم أن تراقبوا رؤية الحكومة في التصحيح إن كانت سليمة أم لا وتتفق مع الصالح العام أم لا؟
ملاحظة أخيرة:
ما هي نتائج لجان التحقيق الوزارية والإدارية والنيابية والقضائية في قضية اللحوم الفاسدة؟