وهكذا يكون إعداد العدة والاستعداد، عندما تشرع القوانين التي تدفع الشر عن البلاد في زمن فيه تكالب على البحرين الأعداء، ومنها بداية البشارة بالموافقة على مرسوم قانون القوة الاحتياطية لسد نقص القوى البشرية والذي منه الاستفادة من خبرات المتقاعدين، مما ينم عن فطنة وحكمة ورأي سديد تحلى بها رجالات قوة دفاع البحرين بقيادة المشير الركن الشيخ خليفة بن أحمد القائد العام لقوة دفاع البحرين.
وإعداد العدة والاستعداد لا تقتصر فقط على الاستفادة من خبرات المتقاعدين وإن كانت هي من الضرورة والأهمية، ولكن مازلنا نتمنى ونطمح أن يكون الخير خيرين، وذلك عندما يفتح باب التجنيد الاختياري لأبناء وإخوان العسكريين، وذلك لإكسابهم التدريب العسكري اللازم، فيكونوا خير عون ومعاونة عندما تستدعي الظروف التي قد لا تميل إلى الاستقرار في الزمن القريب ليس على مستوى دول الخليج، بل العالم العربي كله بأجمعه.
نعم البحرين اليوم في حاجة اليوم إلى قوات احتياطية ومستقبلية، وخاصة عندما نشاهد النشاط التدريبي للمليشيات التابعة إلى إيران كيف استطاعت أن تستغل الوقت والفرص، وها هي الباصات تقل الرجال والشباب والصبيان وقد يكونوا معهم النساء لتلقي التدريبات العسكرية، وناهيك عن التدريبات في الداخل، وكم شاهدنا من التسجيلات استعراضاتهم العسكرية ليس في لبنان ولا العراق ولا إيران بل من داخل المناطق والقرى.
إذن البحرين اليوم أمام تحديات أمنية جدية ولا يمكن نكرانها ولا تغطيتها بأنشطة وفعاليات ثقافية أو برامج ترفيهية، في الوقت الذي فيه دول عربية حولنا تغلي وتفور، بعدما كانت آمنة كل الأمان، وكانت تقام فيها المهرجانات الدولية الغنائية والتمثيلية وكانت تعمل الدعاية والإعلان لبرامجها السياحية وأهلها يعيشون بين بساتين الخوخ والتفاح وأنهار فيها جارية، ولكن في يوم وليلة اختلف الأمر عليها وانقلبت لياليها الحمراء سوداء، وصار نسيمها العليل نار ودخان.
إن عدم الموعظة والاعتبار مما جرى في العراق وسوريا ويجري الآن في اليمن، فإنه لا شك سيؤدي إلى نتيجة غير محمودة، وذلك حين يستغل الأعداء من الخارج وأذنابهم من الداخل غياب التدريب والتأهيل الدفاعي في المناطق والمجتمعات، فيصبحوا هدفاً للهمجيين الذين تربوا وتدربوا في معسكرات اقتلاع العيون ومخر الصدور بالدريل، وهاهي الهجمات الإرهابية لهذه الميليشيات متعددة ومتنوعة الطرق والأساليب، ولا بد أن نذكرها كل وقت ولحظة، وخاصة ونحن في شهر ذكرى أليمة فجعت قلب كل بحريني شريف.
وها هي السنة الرابعة تمر، ومازالت التهديدات الخارجية على أشدها والإرهاب الداخلي يتنوع ويتعدد، وأن التظاهر بأن الأمور طيبة هذا لا يخدم أمن البلاد، في الوقت الذي نرى دولاً في العالم مستقرة وآمنة ولكنها تأخذ الحيطة وكأنها ستخوض حرباً قريبة، وذلك عندما تتخذ إجراءات وقائية واحتياطية، ومثال على ذلك فرنسا التي ترتفع فيها الأصوات مطالبة بالعودة إلى التجنيد الإلزامي بعد الهجوم الأخير الذي قتل فيه 17 شخصاً، وأكد السياسيون في فرنسا أنه من الأفضل اتباع الخدمة المدنية التطوعية كوسيلة تعيين الشباب على المساهمة في المشاريع التي تفيد المجتمع، كما أبدت لوبان زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية التأييد، حيث قالت «الخدمة الوطنية غائبة إلى حد بعيد عن هذا البلد وما من أمر آخر يحل محلها»، وبعكس اليمن التي لم تتخذ الإجراء والوقاية منذ البداية حتى وقع الفأس في الرأس، وبدأ الآن رئيسها هادي عبدربه يفتح باب التجنيد.