إذا كنت تقرأ مقالي الآن فاعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية، بالتحديد وفي هذه اللحظة بالذات، على شفا اتفاق «نهائي» مع إيران بشأن برنامجها النووي، وتذكر أن طهران وبدون برنامجها النووي احتلت أربع دول؛ فما بالك إذا ما امتلكت «النووي»؟
حتى لو كنت ممن يختلفون مع عشاق الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إلا أنني لا أملك اليوم إلا أن أتذكر هذا الرجل، فقد وقف ولثمان سنوات «شوكة» بوجه الأطماع الإيرانية ومشروعهم الفارسي، وذلك حين كانت العراق حرة، وقبل أن تسقط في براثن الاحتلال الصفوي، ولا ألومك إذا اتهمتني بأني نسيت جريمة احتلال صدام للكويت، فقد أصبحنا في حالة طائفية مزرية تجعل التهم توزع وفق بيان (مشترك) صادر من المرجعية الدينية.
وفر تهمك فما عدت ناقصاً جرجرة للمحاكم، ولنقرأ معاً ما نشرته صحيفة (الفايننشال تايمز) اللندنية عن الاتفاق النووي الإيراني، فقد ذكرت مؤخراً في تقريرها: «أوباما يسعى من خلال إبرام اتفاق مع إيران إلى خلق نوع من الاستقرار في محاولته التواصل مع أخطر الأنظمة في العالم (...) إذ يبرم صفقات مع نظام محتال» ويتوقع تقرير (الفايننشال تايمز) بأن التوصل إلى اتفاق مع إيران حول برنامجها النووي سيستمر للأبد، وليس لعام واحد، وستنهي طهران دعمها لحزب الله وللرئيس السوري بشار الأسد وغيرهم.
صدقني، لم نكن في حاجة إلى تقرير (الفايننشال تايمز) حتى نتأكد أن الإدارة الأمريكية مخادعة وكاذبة، ولا لشهادة سارة بالين، المرشحة لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الجمهوري الأمريكي في عام 2008 والتي وصفت الرئيس باراك أوباما بأنه كاذب، ولا لاستطلاع أمريكي يقول بأن 61? من الناخبين الأمريكيين يرون أن رئيسهم باراك أوباما يكذب عليهم في القضايا المهمة، فكلنا نعلم منذ البداية أن أوباما ليس محل ثقة، وأن الإدارة الأمريكية الحالية هي الأسوأ في تاريخ العلاقات الأمريكية العربية والخليجية على وجه الخصوص.
لكن هل يمكن لدول الخليج أن ترد على الولايات المتحدة؟ وما الذي يمكن أن تفعله رداً على الاتفاق بين (الشيطان الأكبر) ونظام الملالي؟
برأيي الشخصي، فقط عليك أن تتذكر أننا نعيش في القرن الحادي والعشرين، حيث لم يعد لأمريكا كلمة على دول العالم الثالث كما كان في القرن العشرين، وأن النظام العالمي الجديد يعتمد في حربه ليس علي نوع السلاح بل على قوة الاقتصاد، ومن هنا يأتي سلاح التفوق والذي تملكه ولا تحسن التصرف فيه، وهو وقف كل سبل التعاون مع الولايات المتحدة، وتجميد الاتفاقات الأمنية والعسكرية، وأهمها شراء الأسلحة الأمريكية (وأعتقد أن البديل متوفر) وتعليق العمل باتفاقية التجارة الحرة، ويجب على شعوب الخليج الحرة والشريفة مقاطعة كل السلع الأمريكية، فقد ولى زمن الخنوع وحان زمن التحرر من التبعية والانبطاح لحليف مخادع وصديق غادر.
قولوا لأوباما لفقد قرفنا منكم ومن سياستكم ومن ألاعيب إدارتكم ومن تلون الحرباء الذي تظهرون به علينا كلما حطت أقدامكم الخليج..
وبالطبع عندما تقول كلاماً كهذا سيظهر لك من بين ظهرينا من يقول: «احنه وين والأمريكان وين»، والمؤكد أنك في الغالب وخلال مناقشتك لهذا الشخص الذي يمثل مدرسة تفكير شائعة في خليجنا، ستكتشف أنه يحمل نظرة دونية بحق الشعوب الخليجية، راجع لكونه إما خريج جامعات الولايات المتحدة أو متأثر بأفلام «الكاوبوي» الأمريكية.
لكن، هل ندرك ذلك قبل أن يقع الفأس في الرأس، أم نكتفي بالمزايدة على بعضنا البعض، والخلافات فيما بعضنا البعض، بينما يشرع الإيرانيون في تصنيع (النووي)، فنفاجأ بالجنرال قاسم سليماني وميليشياته تجول في عواصم الخليج؟
هذا بلاغ للأمة، اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.