كدولة تعرضت لمؤامرة ارتكزت في مشروعها على إخفاء حقائق وقلب أخرى؟ قل لي كيف تتغلب مملكة البحرين على مشكلة كبيرة وهي الجهل بواقعها على جميع الأصعدة دولياً وعربياً وخليجياً وحتى محلياً؟ كيف يمكن للإعلام والثقافة كأدوات أن يحصنا الوعي الداخلي والخارجي بحقيقة إنجازات الإنسان البحريني سواء كان هذا الإنسان مشتغلاً في حكومة أو عاملاً في قطاع خاص أو حقيقة إنجازاته التاريخية الحضارية الثقافية؟
لماذا كل ما وضعت اسم البحرين على مواقع البحث الإلكتروني وطلبت صورة أو طلبت معلومة بالعربي أو بالإنجليزي عن البحرين أو حتى طلبت برنامج «أبلكيشن» تظهر لك صور حرائق وغازات مسيلة للدموع وأجياب شرطة؟ إذا طلبت قناة تلفزيونية بحرينية تحصل على قناة اللؤلؤة «أون لاين» ولا تحصل على قناة البحرين، تويتر واليوتيوب المتصدر فيها أعمال التخريب والحرق، إحدى الجرائد فقط هي التي تدفع وتصرف أموالاً للترويج عن نفسها خارج البحرين وأخبارها دوماً سلبية عن وطنها وبقية الجرائد لا ترى لها صدى «أون لاين» في الخارج.. وبعد السؤال من أين لك هذا التمويل لأصحاب هذه القنوات والبرامج والصحف، نسأل من جديد أليس هذا مؤشراً على فشل سياستنا الترويجية؟ ألا يحق لنا أن نسأل كيف فشلت الدولة في التعريف بنفسها حتى على المستوى الخليجي والعربي وهي التي ما بخلت على شركات الإعلام والعلاقات العامة الأجنبية ومنحتها الملايين؟
أكتب منذ بضعة أشهر في جريدة الشرق الأوسط وأسمع من قرائها ومنهم النخب المثقفة الخليجية والعربية يقولون لي إن المعلومات والأرقام التي تذكرينها في مقالاتك عن واقع البحرين السياسي ومؤشرات القياس التنموية نسمعها لأول مرة!! أليس ذلك مؤشراً للفشل؟ إن كان أقرب الناس لنا يجهلون واقعنا، فماذا نقول عمن هم أبعد من عرب أو من أجانب؟
يسألني ضيفي اللبناني ونحن نسير في أزقة المحرق أين الحرائق؟ أين الشرطة التي نراها في الصور؟ قلت له: موجودون، إنما في بضع قرى يمنعون الصبية من رمي المولوتوف على الناس في الشارع العام، أخذناه في جولة في أزقة المنامة وفرجانها القديمة وأخذناه في جولة صباحية في بيوت الإسكان والمراكز الصحية وغيرها وسأترك له فرصة الحديث عن البحرين، إنما في النهاية مازلنا نكافح لإزالة آثار الدمار الشامل الذي تسبب به من خان وطنه ونكر جميله.
المؤسف أن لدينا كل المقومات لإنجاز هذه المهمة لإعادة تسويق البحرين والتعريف بها لا كمركز استثمار فحسب، بل كواقع سياسي وحقوقي واقتصادي واجتماعي، لدينا الإنجازات التاريخية التي تضع البحرين على خارطة السياحة العالمية ويمكننا مخزوننا الثقافي وذاكرتنا الثقافية التاريخية من توظيفها كعنصر جذب نستغله ونوظفه بإعادة التعريف بأنفسنا، ولدينا البيئة الاجتماعية المنفتحة التي يجتمع فيها المسجد مع المأتم مع الكنيسة، ولدينا الإنجازات المعاصرة، ولدينا تحرك ديناميكي حكومي كبير في طريق الإصلاح والتنمية والتطور النوعي الذي يبرز من العرض المقارن والمدعوم رقماً، فلا نتكلم من فراغ ولا ندعي غير الواقع ولا نبهرج الحقائق. نحن لا نحتاج لجهد لتجميل صورتنا، صورتنا أكثر من جميلة، إنما دولتنا لا تملك إلى الآن رؤية ولا مشروعاً متكاملاً تجمع وتسخر فيه هذه الإمكانيات معاً.